حكايات الجدة والحفيدات الثلاثة

حكايات الجدة والحفيدات الثلاث

حكايات الجدة والحفيدات الثلاثة
حكايات الجدة والحفيدات الثلاثة

جلست الجدة أمينة على المقعد الخشبي القديم، ولفّت شالها الصوفي حول كتفيها. التفّت حولها حفيداتها الثلاث: ليلى، وسلمى، ونور. كانت ليلة شتوية باردة، لكنّ دفء حديث الجدة سرعان ما بدّد برودة الجو.

قالت الجدة بصوتها الحنون:
“اسمعن يا صغيراتي، سأحكي لكنّ اليوم قصةً علّمتني درسًا لا يُنسى عن التماس الأعذار، وعدم إساءة الظن بالناس. هذه القصة حدثت لي منذ زمن بعيد، حين كنتُ شابةً مثلكنّ تمامًا، وكان قلبي ممتلئًا بالحماسة… ولكنه لم يكن دائمًا حكيمًا.”


بداية سوء الفهم

بدأت الجدة تحكي:
“في الحيّ القديم الذي نشأت فيه، كانت لي صديقة مقرّبة اسمها سامية. كنا نلعب معًا، ندرس معًا، ونتشارك كل أسرارنا. ذات يوم، وفي صباح مشمس، خرجتُ من بيتي متجهةً نحو المدرسة، وأنا أحمل دفتري الجديد، الذي أهدتني إيّاه أمي. لكن عندما وصلتُ إلى الصف، وجدتُ أن دفتري قد اختفى من حقيبتي.”

نظرت ليلى بدهشة وسألت:
“يعني أحدهم سرقه؟”

التسجيل في مبادرة براعم مصر الرقمية

ابتسمت الجدة وقالت:
“هكذا ظننتُ في البداية. وعندما لمحتُ سامية تهمس مع زميلة أخرى، وتضحك وهي تنظر إليّ، شعرتُ بالشك يملأ قلبي. دون أن أتحقق، اتهمتُها بأنها أخذت دفتري.”


حكايات الجدة : الظن السريع يسبب الألم

تنهدت الجدة وقالت:
“في اليوم التالي، لم أكلّم سامية. تجاهلتها في الساحة، ولم أردّ على تحيتها. شعرت هي بالحزن، وسألتني مرارًا: (هل فعلتُ شيئًا أزعجك؟) لكنّي رفضتُ الإجابة. وبدلًا من التوضيح، بقيتُ أظنّ بها السوء.”

قاطعتها سلمى قائلةً:
“يعني ما أعطيتها فرصة تدافع عن نفسها؟”

ردت الجدة بلطف:
“بالضبط، لم أعذرها، ولم أبحث عن دليل. وذات مساء، وجدتُ دفتري بين كتب أخي الصغير! لقد وضعه هناك بالخطأ بعد أن لعب بحقيبتي. حينها، شعرتُ بالخجل، وركضتُ صباحًا إلى المدرسة لأعتذر من سامية.”


الاعتذار لا يكفي أحيانًا

قالت الجدة بأسى:
“عندما وصلتُ، وجدتُها تبكي في زاوية الملعب. قلتُ لها الحقيقة، واعتذرتُ، لكنها نظرت إليّ وقالت: (ظننتُك تعرفينني أكثر من هذا.)”

أطرقت نور رأسها وقالت:
“يا خسارة… كانت تحبك كثيرًا.”

أومأت الجدة قائلةً:
“نعم، صحيح. ومنذ ذلك اليوم، تعلّمتُ درسًا مهمًا: لا تظن السوء، ولا تتسرع في الحكم، وابحث دائمًا عن عذر للناس.


خير الناس من يلتمس الأعذار

قالت الجدة:
“الحياة مليئة بالمواقف التي تزرع الشك في قلوبنا. قد يتأخر شخص عن موعده، أو لا يرد على رسالة، أو يتصرف بطريقة لا نفهمها. ولكن، بدلًا من إطلاق الأحكام، علينا أن نتذكّر: ربما كان مشغولًا، ربما يمرّ بظرف صعب، وربما لم يقصد ما فعل.”

قصص جدتي : قصة أول يوم صيام

وأضافت:
“التمسوا الأعذار للناس، كما تحبّون أن يُلتمس لكم. فخير الناس، من يعذر أكثر من أن يلوم. واذكروا قول النبي ﷺ: (إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث.)


دروس لا تُنسى

قالت ليلى:
“يعني لازم نعذر الناس حتى لو أخطأوا؟”

أجابت الجدة بحكمة:
“ليس دائمًا، لكن علينا أن نبدأ بحسن الظن، ونبحث عن سبب، ونتحرى قبل أن نحكم. الناس ليسوا ملائكة، لكنهم أيضًا ليسوا شياطين. كلّ واحد منا يخطئ، ويحتاج من يعذره.”

قصة الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين

قالت سلمى وهي تبتسم:
“يعني لو نور كسرت لعبتي، لازم أفترض إنها ما كانت تقصد؟”

ضحكت الجدة وقالت:
“بالضبط، واسأليها أولًا، وتكلّمي معها، بدلًا من أن تغضبي وتسيئي الظن. كثير من المشاكل تبدأ بسوء الظن، وتنتهي بخسارة أحبّ الناس.”


نهاية الحكاية… وبداية الفهم

عانقت الحفيدات جدتهن، وهنّ يهمسن:
“شكرًا يا جدّتنا… فهمنا الآن أن التماس الأعذار ليس ضعفًا، بل قوة قلب، ونُبل أخلاق.”

ابتسمت الجدة وقالت:
“كونوا دائمًا من خيار الناس، واعذروا من حولكم، واسعوا بالخير، وابدؤوا دومًا بحسن الظن.”

ثم أغلقت الجدة عينيها قليلًا، وأخذت نفسًا عميقًا، بينما تسلّلت الدفء إلى القلوب الصغيرة، التي أصبحت الآن، أكثر فهمًا، وأقل ظنًا.