حكاية هجرة الرسول من مكة إلى المدينة للاطفال

في ليلة غير عادية
جلست الجدة فاطمة على السجادة المزركشة، وحولها التفَّ الأحفاد كأنهم نجوم حول القمر. مسحت الجدة على رأس حفيدها الصغير ثم قالت بصوت دافئ:
“يا أحباب جدتكم، هل تريدون أن تسمعوا قصة لا تُنسى؟ قصة هزّت الصحراء، وأدهشت القلوب، وغيّرت مجرى التاريخ؟”
صاح الصغار بحماس:
“نعم يا جدتي! احكي لنا، احكي!”
ضحكت الجدة وقالت:
“إذن، اسمعوا مني قصة هجرة نبينا محمد ﷺ من مكة إلى المدينة، واسمعوها كأنكم تعيشونها لحظة بلحظة…”
التهديد يشتد والقرار يُتخذ
في البداية، عاش النبي محمد ﷺ في مكة، ودعا الناس لعبادة الله وحده. ولكن، رفضت قريش دعوته، وآذته كثيرًا. لقد سخروا منه، وطردوا أصحابه، بل وعذّبوا من آمن به.
ومع مرور الأيام، ازداد الظلم، ولم يعد المكان آمنًا. ومع ذلك، صبر النبي، ودعا الله أن يفتح له طريقًا. وبينما كانت قريش تشتد في إيذائها، جاءه أمر الله: الهجرة إلى المدينة.
فرح النبي بهذا الأمر، لكنه خطط بحكمة. لم يخرج علنًا، ولم يُخبر أحدًا سوى من وثق بهم.
الخطة تبدأ… وصاحبه في الطريق
اختار النبي أبا بكر الصديق ليكون رفيقه في الهجرة. جهّز أبو بكر راحلتين، وطلب من عبد الله بن أريقط أن يدلّهما على الطريق. كذلك جهّزت أسماء بنت أبي بكر الطعام وربطته بحزامها، حتى سُمّيت ذات النطاقين.
قصة الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين
وفي ليلة الهجرة، خرج النبي من بيته خلسة. نام علي بن أبي طالب في فراشه، ليُبعد الشكوك. ثم تسلل النبي بهدوء حتى وصل إلى بيت أبي بكر.
وحين التقيا، سار الاثنان بسرعة نحو غار ثور، وهو كهف في الجبل، يختبئان فيه من أعين قريش.
داخل الغار… العنكبوت يحرس النبي
عندما علمت قريش بهروب النبي، جنّ جنونهم. جمعوا الرجال، وزادوا الجائزة لمن يمسك به. بحثوا في كل مكان، حتى وصلوا إلى باب الغار!
وهنا يا أحبتي، حدثت المعجزة.
رأى رجال قريش خيوط العنكبوت تغطي مدخل الغار، ورأوا حمامتين تقفان هناك. فقالوا:
“لو دخل محمد هنا، لتحطمت الخيوط وطارت الحمامتان!”
فتركوا المكان وذهبوا.
أما النبي، فاطمأن قلبه، وقال لأبي بكر:
“لا تحزن، إن الله معنا.”
طريق طويل… وأمل كبير
بعد أن هدأ البحث، خرج النبي وصاحبه من الغار. واصلا السير في الصحراء تحت شمس حارقة، وأحيانًا تحت ضوء القمر.
واجهوا مخاطر كثيرة. أحيانًا لاحقتهم الخيول، وأحيانًا ضلوا الطريق. ولكن بفضل الله، وبفضل صبرهم، واصلوا السير.
قصص جدتي : قصة أول يوم صيام
وفي الطريق، التقى بهم راعٍ، وقدّم لهم اللبن. ورأى أحدهم النبي، فاهتز قلبه من النور في وجهه. قال في نفسه: “هذا ليس وجه كاذب!”
الوصول إلى المدينة… والفرح يعمّ
وأخيرًا، بعد أيام من التعب، وصل النبي إلى مشارف المدينة.
عندما سمع أهل المدينة بقدومه، خرجوا من بيوتهم، وزيّنوا الطرق، وأنشدوا:
“طلع البدر علينا من ثنيّات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع!”
ركض الأطفال بين الناس، ولوّح الرجال بالرايات، وزغردت النساء من فوق الأسطح. وابتسم النبي، لأنه وجد في المدينة قلوبًا تحب الله وتحب رسوله.
بداية جديدة في مدينة النور
بدأ النبي ﷺ في بناء مسجد، وأسّس مجتمعًا قويًا قائمًا على الحب، والمساواة، والرحمة.
علّم الناس كيف يعيشون معًا في سلام، وكيف يحبون بعضهم. وبدأ عهد جديد، اسمه عهد النور، لأن المدينة أصبحت منارة للإسلام.
الخاتمة: درس من القصة
تنهدت الجدة وقالت:
“يا أحبائي، هجرة النبي ليست فقط سفرًا من مدينة إلى أخرى. بل هي قصة ثبات، وحكمة، وصبر، وإيمان بأن النصر قادم لا محالة.”
ثم نظرت إليهم بعينين تلمعان وقالت:
“تعلّموا من نبيكم أن لا تستسلموا، وأن تسيروا دومًا في طريق الخير، حتى لو كان شاقًا. لأن الله مع الصادقين، ومع من يُحسن الظن به.”
أغمض الأحفاد أعينهم، وتخيّلوا أنفسهم يسيرون خلف النبي في الصحراء، ويهتفون من قلوبهم:
“نحن معك يا رسول الله.”