حواديت جدتي : حكايات أيام زمان الحلوة

حواديت جدتي : حكايات أيام زمان الحلوة.

حواديت جدتي : حكايات أيام زمان الحلوة
حواديت جدتي : حكايات أيام زمان الحلوة

اللمة الحلوة وأيام البركة

جلست الجدة لاواحظ على كرسيها الهزاز في شرفة البيت الواسعة، وأحاط بها أحفادها الصغار. نظرت إليهم بعينيها الدافئتين وقالت بصوتها العذب:
“زمان، يا ولادي، الدنيا كانت غير الدنيا. الناس كانت قلوبها صافية، واللمة كانت أحلى من العسل. زمان، البيوت كانت مفتوحة لبعض، والجيران كانوا أهل، مش مجرد ناس ساكنين جنب بعض!”

هتف الصغير كريم بحماس: “احكي لنا يا تيتا! احكي عن زمان الجميل!”

التسجيل في مبادرة براعم مصر الرقمية

ابتسمت الجدة ومسحت على شعره وقالت:
“كان يا ما كان، في سالف العصر والأوان، لما كان الخير يملأ البيوت، وكانت القلوب عامرة بالحب. زمان، لما واحد يعمل صينية كحك، كان لازم يبعت منها لجيرانه. ولما حد يزرع شجرة في جنينته، كان لازم يدي من ثمارها لكل اللي يمر من جنبه. الدنيا كانت أمان، وأبواب البيوت كانت تتفتح بالحب قبل المفاتيح.”

العمل بإتقان والعيش ببساطة

أخذت الجدة نفسًا عميقًا وتابعت:
“زمان، الناس كانت تشتغل بإتقان. النجّار كان يصنع الباب كأنه بيبني قصر، والفلاح كان يزرع الأرض كأنه بيرسم لوحة، والتاجر كان يبيع بضمير كأنه بيخاف على رزقه ورزق غيره. مفيش غش، ومفيش كسل، ومفيش أنانية.”

سألتها الصغيرة سارة بفضول: “يعني يا تيتا، زمان ما كانش فيه تعب؟”

حكايات جدتي : قصة الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين

ضحكت الجدة وقالت: “أكيد كان فيه تعب، بس كان فيه رضا! كان الواحد لما يخلص شغله، يحس بالفخر، مش بالملل. وكان لما يرجع بيته، يلاقي أهله مستنيينه، واللمة دايمًا جاهزة، والسفرة دايمًا عامرة، ولو كان عندهم أكل بسيط، كان البركة تملأه وتخليه يكفي الجميع.”

الأمان الحقيقي في القلوب

تنهدت الجدة وقالت:
“زمان، الأمان ما كانش بس في البيوت، كان في القلوب. الطفل كان يلعب في الشارع لحد غروب الشمس، من غير ما حد يقلق عليه. الناس كانت تسأل عن بعض، ولو واحد غاب، الكل يسأل: ‘فين فلان؟ عسى ما شر؟’، ولو حد تعب، كان الجيران يتسابقوا لمساعدته، ولو حد احتاج حاجة، كان يلاقي اللي يقف جنبه من غير ما يطلب.”

هتف الصغير ياسين: “يعني يا تيتا، زمان كان كله حب؟”

هزت الجدة رأسها وقالت: “أيوة يا حبيبي، الحب كان أسلوب حياة، مش مجرد كلام. الناس كانت تحب الخير لبعض، وما كانتش تفرح غير لما تشوف اللي حواليها مبسوطين.”

المشاركة والتعاون أساس السعادة

أكملت الجدة حديثها:
“زمان، ما كانش فيه حد بياكل لوحده. كل حاجة كانت بالمشاركة، الفرح بالحبايب، والحزن بالأحباب. لو حد خبز عيش، قسمه مع جيرانه، ولو حد اشترى حاجة جديدة، لازم يعزم اللي حواليه. حتى الأطفال، لو حد اشترى حلوى، كان لازم يقسمها مع أصحابه، وإلا ما كانش طعمها يحلو في فمه!”

قصص جدتي : قصة أول يوم صيام

ضحك الأحفاد وقالت الصغيرة مريم: “يعني حتى الحلوى كان لها بركة زمان؟”

ضحكت الجدة وقالت: “أيوة يا حبيبتي، لأن القلوب كانت حلوة، فكل حاجة كان طعمها أحلى!”

وأخيرًا… رسالة من الماضي

سكتت الجدة قليلًا ثم قالت بصوت دافئ:
“يا ولادي، الدنيا كانت بسيطة، والناس كانت قانعة، وكان كل شيء فيه بركة. الحياة كانت أحلى لما كنا نهتم ببعض، ونتقن شغلنا، ونحب الخير لغيرنا. صحيح، الزمن اتغير، لكن الخير لسه موجود، والمحبة لسه جوانا. لو حافظنا عليها، هنعيش أحلى أيام حتى في هذا الزمن!”

صمت الأحفاد وهم يفكرون في كلام الجدة، ثم اقتربوا منها واحتضنوها بحب. قالت الصغيرة سارة: “تيتا، وعد، هنعيش زي ما كنتِ بتحكي لنا، وهنخلي الدنيا أحلى زي زمان!”

ابتسمت الجدة لاواحظ، وهزت رأسها برضا، بينما تسلل الدفء إلى قلبها، فقد شعرت أن روح الزمن الجميل ستظل باقية في قلوبهم الصغيرة.