قصة “آدم لا يسمع الكلام”

حدوتة قبل النوم:قصة “آدم لا يسمع الكلام”

كان آدم طفلًا ذكيًا، يحب الاكتشاف واللعب، وكان لديه فضول لا حدود له. يعيش في بيت دافئ مليء بالحب والحنان، مع والدته الحنونة ووالده الحكيم. وعلى الرغم من ذكائه وحبّه للتعلم، إلا أن هناك عادة سلبية كانت تسبب له الكثير من المشكلات: عدم الاستجابة لكلام الكبار.

كانت والدته تطلب منه أشياء بسيطة، مثل ترتيب غرفته، أو غسل يديه قبل الأكل، أو الاستعداد للنوم في الموعد، لكنه في كل مرة يرد قائلًا:
“حاليًا مش فاضي”،
أو: “هعمل ده بعدين”،
وأحيانًا يقول: “أنا عارف أتصرف لوحدي يا ماما”.

تكرار السلوك وتزايد المشاكل

ومع مرور الأيام، لم يتغير سلوك آدم. بل على العكس، أصبح أكثر إهمالًا. فعلى سبيل المثال، كانت والدته تطلب منه تجهيز حقيبته في المساء استعدادًا للمدرسة. لكنه كان يقول: “سهلة، هصحى بدري وأجهزها الصبح”. وبالفعل، كان ينسى كتبًا وأدوات مهمة، مما يسبب له الإحراج أمام المعلمين.

ومع كل خطأ، كانت والدته تحاول أن تنصحه بلطف، وتقول له: “آدم، أنا مش بأمرك، أنا بحاول أساعدك تمشي في الطريق الصح”.

وكان والده يؤيده دائمًا، قائلًا:
“يا بني، السمع للكبار مش ضعف، ده احترام ومسؤولية”.

لكن للأسف، كان آدم يسمع الكلام دون أن ينفذه.

نقطة التحول: الدرس القاسي

وفي صباح يومٍ مهم، طلبت والدته منه أن يضع كراسة الرياضيات في حقيبته. فقد كان عليه تسليم واجب مهم. كعادته، قال:
“تمام يا ماما”،
لكنه لم يفعل شيئًا، وانشغل بمشاهدة فيديو على التابلت.

وعندما وصل إلى المدرسة، فوجئ بأن الكراسة غير موجودة. حاول التبرير للمعلمة، وقال إنه نسي، لكن المعلمة لم تقبل العذر، وخصمت منه درجات بسبب عدم الالتزام.

وقتها شعر آدم بمزيج من الحزن والندم. لم يكن حزينًا فقط على الدرجات، بل شعر بالذنب لأنه خيّب ظن والدته.

العودة إلى البيت… والاعتراف الصادق

عندما عاد إلى المنزل، دخل غرفته بهدوء. لم يفتح التلفاز، ولم يذهب للعب. جلس يفكر طويلًا. وبعد قليل، خرج وتوجه إلى والدته وقال لها: “أنا آسف يا ماما، كان المفروض أسمع كلامك. أنتِ كنتِ عندك حق، وأنا السبب في اللي حصل”.

ابتسمت والدته وربتت على كتفه بلطف، وقالت:
“يا حبيبي، كل أم تتمنى تشوف ابنها أفضل منها. كلامي مش علشان أتحكم فيك، لكنه من قلبي وعلشانك”.

بداية التغيير الحقيقي

منذ تلك اللحظة، تغير سلوك آدم بشكل كبير. أصبح ينفذ التوجيهات دون تذمر. فعندما تطلب منه ترتيب غرفته، لا يقول “بعدين”، بل ينهض فورًا. وعندما تذكّره بالواجب، يبدأ فيه من دون تأخير.

وبتدريج، لاحظ الجميع الفرق في تصرفاته. حتى في المدرسة، بدأت المعلمة تمدحه وتقول: “برافو يا آدم! بقت شغلك منظم وبتسلم واجباتك في وقتها”.

وأصبح أصدقاؤه يسألونه: “إيه اللي خلاك تتغير؟”

فكان يبتسم ويقول بكل فخر: “ماما كانت دايمًا عارفة الصح، وأنا كنت عنيد. بس دلوقتي… بقيت أسمع الكلام بعقلي وقلبي”.

وهكذا، تعلّم آدم أن احترام الأهل والاستماع لتوجيهاتهم، ليس مجرد طاعة عابرة، بل هو في الواقع دليل واضح على النضج، وعلامة صادقة على الحب والتقدير. فمن جهة، الكبار لا يطلبون شيئًا عبثًا، بل على العكس، هم دائمًا يحرصون على مصلحة أبنائهم، لأنهم، بحكم خبرتهم، يعرفون جيدًا ما ينفعهم الآن وما سيعود عليهم بالنفع لاحقًا. ومن جهة أخرى، فإن تنفيذ التعليمات لا يعني فقدان الحرية، بل يعني امتلاك الوعي وتحمل المسؤولية.

وبفضل هذه التجربة، التي بدت في بدايتها بسيطة، لكنها كانت مليئة بالدروس، تغيّرت حياة آدم بشكلٍ ملحوظ. فبعد أن كان يتجاهل التوجيهات مرارًا وتكرارًا، أصبح الآن أكثر التزامًا، وأكثر حرصًا على الاستماع والنقاش بأدب واحترام. ولذلك، ومع مرور الأيام، تحوّل إلى قدوة جميلة ومُلهِمة لكل طفلٍ آخر يمر بنفس التحدي. بل إن كثيرًا من أصدقائه بدأوا يقلدونه، بعدما لاحظوا الفرق الكبير في سلوكه، وتحديدًا بعد أن أصبح أكثر هدوءًا، وانضباطًا، وثقةً بالنفس.

وبالتالي، يمكن القول إن تجربة آدم أثبتت أن كل طفل، مهما كان عنيدًا أو غير ملتزم في البداية، يمكنه أن يتغير للأفضل، بشرط أن يجد الحب، والتوجيه الصحيح، والفرصة ليخطئ ويتعلم.