استيقظت “مريم” على صوت أذان الفجر، وفتحت عينيها بصعوبة، فوجدت والدتها تبتسم لها قائلة:
“يلا يا بطلة، قومي للسحور! النهارده أول يوم صيام ليكي!” شعرت مريم بالحماس، فقفزت من سريرها وتوجهت إلى المطبخ حيث كانت العائلة تجلس حول المائدة.
تناولت كوبًا من اللبن وقطعة من الخبز مع الجبن، لكنها لاحظت أن شقيقها “عمر” يأكل أكثر منها. سألته بدهشة: “إنت بتاكل كتير ليه؟” ضحك ورد: “عشان الصيام هيكون طويل، ولازم جسمنا يكون قوي.” نظرت إلى والدتها التي هزّت رأسها موافقة: “فعلاً يا مريم، الأكل المتوازن في السحور بيساعدنا نكمل اليوم بدون تعب.”
بعد السحور، صلّت الفجر مع والديها، ثم عادت إلى سريرها. لكن النوم لم يكن سهلًا، فقد كانت تفكر في اليوم الطويل الذي ينتظرها!
مع شروق الشمس، بدأت مريم يومها كالمعتاد، لكن بعد ساعتين فقط، شعرت بجفاف في حلقها. توجهت إلى المطبخ لتشرب الماء، لكنها تذكرت فجأة أنها صائمة! نظرت إلى الثلاجة بحزن، ثم سمعت صوت والدها يقول: “أنا فخور بيكي إنك فاكرة إنك صايمة.. الصبر هو سر الصيام.”
قررت مريم أن تلهي نفسها، فبدأت تلعب بالمكعبات، ثم رسمت لوحة جميلة فيها الهلال والنجوم، وكتبت تحتها: “رمضان كريم”. ولكن بعد قليل، شعرت بالملل والجوع يزداد، فذهبت إلى والدتها وقالت بصوت ضعيف: “ماما، هو المغرب لسه بدري؟” ضحكت والدتها وأخذتها في حضنها: “لسه شوية، لكن تقدري تساعديني في تحضير مائدة الإفطار!”
تحمست مريم للفكرة، فارتدت مريول المطبخ وبدأت تساعد والدتها في ترتيب الأطباق، وغسل الخضار. وبينما كانت تقطّع الخيار، شعرت برائحة الطعام تزداد إغراءً. همست لنفسها: “يا ترى لو دقت حتة صغيرة، هيبان؟” لكنها تراجعت سريعًا وضحكت: “لأ، أنا هفضل صايمة!”
فجأة، دخل شقيقها عمر يحمل صندوقًا صغيرًا وقال بحماس: “مفاجأة ليكي يا مريم!” فتحت الصندوق فوجدت بداخله سبحة جميلة وسجادة صلاة صغيرة عليها اسمها. “إيه ده؟!” سألته بدهشة. ابتسم والدها وقال: “عشانك يا بطلة، أول يوم صيام لازم يكون مميز!”
قبل أذان المغرب بدقائق، جلست العائلة حول المائدة، وبدأت مريم تشعر بسعادة غامرة، خاصة عندما رأت الجميع يهنئونها بإتمام يومها الأول في الصيام. وما إن سمعت الأذان، حتى شربت أول رشفة ماء، فشعرت وكأنها أعظم إنجاز حققته في حياتها!
“أنا فخورة بنفسي!” قالت مريم وهي تنظر إلى والديها. ضحك الجميع، واحتضنتها والدتها قائلة: “وأحنا كمان فخورين بيكي، يا صائمة الصغيرة!”
وفي تلك الليلة، وهي مستلقية على سريرها، قررت مريم أنها ستصوم مرة أخرى غدًا، لأن الفرحة التي شعرت بها عند الإفطار كانت تستحق كل هذا الصبر