قصة تيتانيك النيل: مغامرة عائلة البرعي وفاطمة كشري
التسجيل في مبادرة براعم مصر الرقمية

في أحد أحياء القاهرة القديمة، بين الأزقة الضيقة والمحال الصغيرة، عاشت الطفلة نظيرة مع أسرتها في بيت بسيط تحوطه رائحة الكشري والبخور. كانت نظيرة فتاة ذكية، تحب التأنق، وتكثر من استخدام كلمات الكبار، فتقول: “إنني لا أتنازل عن الأناقة حتى في الصباح الباكر!”، وتضع شريطًا أحمر في شعرها كأنها أميرة على عرش المدرسة.
والدها، الحاج جمال البرعي، كان تاجرًا معروفًا في سوق العتبة، طيب القلب، خفيف الروح، لا يحب التظاهر، لكنه كان عزيز النفس، لا يرفع صوته إلا إن ضاق صدره بالهمّ.
قصص خيال : قصة الصياد والسمكة المسحورة
أما والدتها، فاطمة كشري، فكانت مثالًا للمرأة المصرية الأصيلة، تصحو قبل الجميع، تطهو بأيديها، وتدير بيتها بحكمة تُحسد عليها. يقول الناس عنها: “هذه المرأة بجيش كامل وقت الشدة.”
وكان في البيت أيضًا الأخ عبدالوهاب، شاب في السابعة عشرة، كثير التذمر، لا يعجبه شيء، يطمح إلى حياة مختلفة، ويرى في والده مثالًا تقليديًا لا يريد الاقتداء به. يحب الموسيقى، ويحلم بالسفر بعيدًا، لكنه لم يكن يعرف بعد أن الرحلة الكبرى قد اقتربت.
بداية الرحلة
في صباح مشمس، عاد الحاج جمال من السوق يحمل بشرى كبرى: “لقد فزنا برحلة على باخرة نيلية جديدة اسمها تيتانيك النيل! إنها جولة في النيل من القاهرة حتى أسوان!”
صفقت نظيرة بفرح، وهرعت لتحضير فساتينها. أما فاطمة كشري، فقالت وهي تضع القدر على النار: “أهم شيء ألا ننسى الطعام… فالبواخر تُطعم، لكنها لا تُشبع.”
ورغم تردد عبدالوهاب، الذي كان يرى في الرحلة مضيعة للوقت، إلا أنه وافق أخيرًا بعدما وعدوه بجهاز راديو صغير ليأخذ موسيقاه معه.
تيتانيك النيل
كانت الباخرة ضخمة، لامعة، تلمع تحت شمس النيل كأنها عروس في ليلة زفافها. وارتفع صوت القبطان قائلًا: “مرحبًا بكم على متن تيتانيك النيل. نتمنى لكم رحلة سعيدة ومليئة بالمفاجآت!”
في الأيام الأولى، استمتع الجميع بالرحلة. نظيرة كانت تركض في الممرات وتراقب النيل من السطح، وعبدالوهاب كان يجلس في الزاوية مع راديو صغير، يعزف ألحانًا لا يفهمها أحد سواه.
قصص خيالية : قصة النهر الذي يغني
أما فاطمة، فكانت تحمل صينية الشاي وتوزع البسمة على الجميع. أما الحاج جمال، فقد انشغل بالحديث مع الركاب عن الأسعار والأسواق، حتى قال له أحدهم ضاحكًا: “حتى في النيل تتحدث عن تجارة؟”
الخطر يقترب
في مساء اليوم الرابع، وبينما كانت الباخرة تقترب من الأقصر، ظهرت في الطريق عوامة قديمة كانت مائلة وخارج جدول الملاحة. صاح القبطان فجأة: “امسكوا جيدًا! هناك شيء أمامنا!”
اصطدمت الباخرة بالعوامة واهتزت اهتزازًا شديدًا. تعالت الصرخات، وانقلبت بعض الكراسي، وسقطت فناجين الشاي. لكن فاطمة كشري، وبهدوء تام، حملت نظيرة في حضنها وقالت: “لا تخافي يا حبيبتي، أمك هنا.”
أما عبدالوهاب، فصرخ: “يجب أن أقفز! هذه سفينة تغرق!”، لكن الحاج جمال أمسكه من ذراعه وقال بهدوء: “الرجل لا يهرب من العاصفة، بل يُثبّت السفينة.”
اختبار البطولة
بينما انشغل بعض الركاب بجمع الحقائب، كانت فاطمة تساعد الأطفال على ارتداء سترات النجاة. نظيرة، رغم صغرها، راحت تطمئن صديقتها الصغيرة، وتقول لها: “لا تخافي، ماما تعرف كل شيء، حتى كيف تسبح في النيل!”
قصص خيال : حورية البحر الصغيرة
عبدالوهاب، لأول مرة، لم يعارض. بل حمل طفلًا صغيرًا لم يعرفه، وساعده في النزول إلى قارب النجاة. نظر إلى والده، وابتسم، وقال: “أظنني بدأت أفهم.”
نهاية الرحلة وبداية الفهم
نجا الجميع، وتوقفت الباخرة للصيانة، وعادت الأسرة إلى القاهرة بأمان.
في تلك الليلة، جلست نظيرة تكتب في دفترها:
“اليوم علّمتني أمي أن البطولة لا تحتاج إلى صراخ، وعلّمني أبي أن الحكمة تُنقذ ما لا تنقذه القوة، أما أخي عبدالوهاب، فقد صار يشبه والدي، دون أن يعلم.”

القيمة المستخلصة للأطفال
البطولة ليست بالصوت العالي، بل بالفعل الصادق.
العائلة هي الميناء الآمن وقت العواصف.
لا بأس أن نحلم، لكن لا ننسى من نحن.
الأم المصرية كنز، والوقوف بجانبها واجب.