قصة رسالة إلى الله:طفلة تبحث عن الطمأنينة

حدوتة جدتي:قصة رسالة إلى الله

في إحدى ليالي الشتاء الباردة، وبينما كانت الرياح تعصف بأوراق الأشجار خارج نافذة غرفتها، جلست “مريم” الصغيرة على سريرها وهي تحتضن دميتها المفضلة.

ورغم أن الغرفة كانت دافئة ومليئة بالألعاب والكتب، إلا أن قلبها كان ممتلئًا بالأسئلة، والتساؤلات التي لا تعرف كيف تعبّر عنها.

فقد كانت تلك الليلة تحديدًا مختلفة؛ إذ أنها شعرت بحاجة شديدة لأن تبوح بما في داخلها، ولكن ليس لأي شخص. بل أرادت أن تتحدث مع من يشعر بها دون أن تتكلم، من يعرف ما في قلبها دون أن تشرح، من لا يغضب منها ولا يسخر من مخاوفها الصغيرة. أرادت أن تتحدث إلى الله.

قصة رسالة إلى الله

لماذا كتبت مريم الرسالة؟

رغم أن مريم لم تتعود الكتابة كثيرًا، إلا أنها أمسكت دفترها الصغير، وبدأت تكتب كما لو كانت تكتب إلى صديقة قريبة منها. ومع مرور الدقائق، امتلأت الورقة بكلمات صادقة وعفوية:
“يا رب، أنا بخاف من الضلمة، ومن صوت الرعد، وبزعل لما أصحابي يتجاهلوني. نفسي أبقى شجاعة، ونفسي ماما تبطل تتعب، ونفسي لما أكبر أبقى طبيبة تساعد الناس.”

في الواقع، لم تكن مريم تعرف أن هذه الرسالة ستغير من شعورها تمامًا، ولكن شيئًا فشيئا بدأت تشعر بالراحة، وكأن قلبها أصبح أخف. ثم، وبدون تفكير، طوت الرسالة، ووضعتها بعناية تحت وسادتها، وقالت: “هخليها هنا، يمكن ربنا يقراها وأنا نايمة”.

ما حدث بعد تلك الليلة؟

عندما استيقظت في صباح اليوم التالي، شعرت مريم بشيء غريب، ليس في الغرفة، بل في نفسها. إذ لم تعد خائفة من الذهاب إلى المدرسة، ولم تحزن حين لم تجد صديقتها في الفسحة، بل ظلت تبتسم وتتصرف بلطف.

بل الأهم من ذلك، أنها بدأت تكتب كل ليلة رسالة جديدة إلى الله، وفي كل مرة كانت تكتب فيها، كانت تشعر براحة وطمأنينة لا توصف.

وعندما سألتها والدتها يومًا: “ليه كل يوم بتكتبي في الورق وتحطيه تحت المخدة؟” أجابتها مريم بكل براءة:
“علشان دي رسالتي لربنا.. ولما أكتب له، بحس إنه سامعني، وده بيخليني أنام وأنا مرتاحة.”

مع مرور الأيام، أصبحت مريم أكثر هدوءا، وأصبحت كلماتها ألطف، وتصرفاتها أكثر رحمة. ربما لم يكن هناك صوت يرد عليها، لكن روحها كانت تستشعر القرب من الله بطريقة بريئة وبسيطة.

ومن هنا، تأتي أهمية هذه القصة. إذ أنها تظهر كيف يمكن للعلاقة بين الطفل وخالقه أن تكون نقية، وعميقة، وخالية من التعقيد. فبينما نحن الكبار نبحث عن الطمأنينة في أشياء كثيرة، يجدها الأطفال في حديث صادق بينهم وبين الله، ولو حتى برسالة مخبأة تحت الوسادة.

كيف نعلم أبناءنا التواصل مع الله؟

في نهاية المطاف، لا بد أن نغرس في نفوس أبنائنا أن الله قريب، وأنه يحبنا ويستمع إلينا في كل وقت. وليس من الضروري أن نعلمهم الدعاء بالكلمات التقليدية، بل الأهم أن نترك لهم المساحة ليعبروا عن مشاعرهم وأحلامهم وأوجاعهم بطريقتهم الخاصة.

فكما فعلت مريم، يمكن لأي طفل أن يجد في الله صديقا يسمعه، حتى إن لم يرد عليه بصوت، يكفي أنه يبعث في قلبه الطمأنينة.