قصة زينة والصوت المرتفع

حدوتة جدتي: قصة زينة والصوت المرتفع

في أحد أيام الربيع الجميلة، بدأت الحصة الأولى في فصل الصف الرابع. وكالعادة، دخلت المعلمة “ندى” بابتسامتها الهادئة، وقالت:

“صباح الخير يا أبطال!”
رد الجميع إلا زينة، التي كانت تجلس متجهمة، وكأن شيئًا يزعجها.

في الواقع، زينة كانت معروفة بين زميلاتها بأنها سريعة الغضب. فعند أقل خلاف، ترتفع نبرتها، وتبدأ بالصراخ، حتى لو كان الأمر بسيطًا. لذلك، بدأت بعض الطالبات يتجنبن اللعب معها، رغم أنها كانت ذكية ولطيفة في أوقات الهدوء.

عندما يتحول اللعب إلى خلاف

ذات يوم، خرج الأطفال إلى الفناء خلال وقت الراحة. كانت زينة تلعب مع سلمى ولمى لعبة “القفز على الحبل”. ولكن، بمجرد أن تعثرت زينة ولم تتمكن من القفز جيدًا، بدأت بالصراخ قائلة:
“أنتم لا تعرفون كيف تلعبون! أنتن السبب في خسارتي!”

حاولت سلمى أن تشرح لها أن الخطأ بسيط ويمكن إصلاحه، لكن زينة لم تتوقف عن الصراخ. بل إن صوتها كان عاليًا لدرجة أن باقي الأطفال التفتوا إليها بدهشة.

تدخل المعلمة ندى

بعد انتهاء الراحة، لاحظت المعلمة ندى أن شيئًا ما حدث. وعندما سألت الطالبات، تحدثت سلمى بلطف وقالت:
“زينة تغضب كثيرًا حين لا تسير الأمور كما تحب.”

فهمت المعلمة الموقف جيدًا، ثم طلبت من الجميع فتح كتبهم، لكنها كتبت على السبورة عنوانًا كبيرًا:

“كيف نتحكم في غضبنا؟”

كان الجميع في دهشة، حتى زينة. وقالت المعلمة:
“الغضب شعور طبيعي، لكن الصراخ لا يحل أي شيء. بل قد يبعد عنا أصدقاءنا.”

ثم بدأت تشرح بأسلوب بسيط كيف أن التنفس العميق، والعدّ من 1 إلى 10، وأخذ استراحة قصيرة، قد تساعد الإنسان على التحكم في أعصابه.

 أول تجربة للتنفس العميق

وفي اليوم التالي، عندما أرادت زينة أن تشارك في مسابقة الرسم، فوجئت بأن صديقتها لمى أخذت الألوان التي كانت ترغب باستخدامها. كادت أن تصرخ كعادتها، لكنها تذكرت كلمات المعلمة:
“قبل أن تغضبي… خذي نفسًا عميقًا.”

وبالفعل، أغلقت عينيها، وعدّت ببطء حتى عشرة. ثم قالت بهدوء:
“لمى، هل يمكنني استخدام اللون الأزرق بعدك؟”

تفاجأت لمى برد زينة الهادئ، وقالت بسعادة:
“طبعًا يا زينة، تفضلي بعدي مباشرة.”

شعرت زينة بشيء جديد… راحة لم تشعر بها من قبل. لقد نجحت في التحكم بغضبها دون أن تجرح أحدًا.

مع مرور الأيام، أصبحت زينة أكثر هدوءًا، وأقل غضبًا. لاحظت زميلاتها التغيير وبدأن يقتربن منها مجددًا. كما أن المعلمة أثنت على سلوكها الجديد أمام الجميع، مما زاد من ثقتها بنفسها.

لقد تعلمت زينة أن الصراخ لا يحل المشكلات، بينما الكلمات الهادئة وتحمّل الموقف بصبر، تجلب الاحترام وتقرّب الناس منها أكثر.

من خلال قصة زينة والصوت المرتفع، نتعلم أن التحكم بالغضب مهارة يمكن اكتسابها، وأن الهدوء الداخلي يبدأ بقرار صغير كأخذ نفس عميق. وهكذا، تتحول المشكلات إلى فرص للتعلم والنمو.