حدوتة جدتي:قصة سارة والتعامل مع التنمر
بداية القصة: سارة الطالبة المجتهدة
في أحد الفصول الدراسية الهادئة، كانت الطالبة سارة تجلس في الصف الرابع الابتدائي، تتابع دروسها باهتمام شديد. كانت سارة معروفة بين زملائها بأنها فتاة مجتهدة، هادئة، وتحب القراءة كثيرًا. ومع ذلك، كانت ترتدي نظارة طبية منذ صغرها، بسبب ضعف في النظر.
على الرغم من أن سارة لم تكن تشعر بالاختلاف عن باقي زميلاتها، إلا أن الأمور بدأت تتغير في بداية الفصل الدراسي الثاني، عندما انضمت طالبة جديدة إلى الصف تُدعى “نسرين”.
بداية التنمر: سخرية مؤذية في ساحة المدرسة
في أحد الأيام، وبينما كانت سارة تخرج إلى ساحة المدرسة في وقت الاستراحة، اقتربت منها نسرين وقالت بسخرية:
“انتبهي يا سارة، لا تنسي نظارتك السحرية! من دونها لن تري شيئًا!”
ضحك بعض الأطفال دون أن يدركوا أن هذه الكلمات قد جرحت مشاعر سارة بعمق.
رغم أن الموقف كان بسيطًا ظاهريًا، إلا أن سارة شعرت بالحزن والانزعاج. وبمرور الأيام، تكررت هذه التعليقات الساخرة، أحيانًا بشكل مباشر، وأحيانًا أخرى عن طريق التلميح. وهنا بدأت سارة تشعر بالضيق، ومع ذلك، لم تكن ترغب في الرد بالمثل.
التفكير العقلاني: ما بين الرد والانضباط
في البداية، فكرت سارة في تجاهل نسرين، لكنها لاحظت أن ذلك لم يُوقف السخرية. من جهة أخرى، لم تكن سارة تود أن تدخل في شجار أو أن ترد بكلمات جارحة. لذلك، بدأت تفكر في حل أكثر حكمة. وبدلًا من الرد، قررت أن تتحدث مع شخص كبير تثق به.
اللجوء للمعلمة: القرار الصحيح
في صباح اليوم التالي، وبعد أن انتهى وقت الحصة، توجهت سارة بهدوء إلى معلمتها، وطلبت منها التحدث على انفراد. روت سارة ما حدث معها بالتفصيل، دون مبالغة، بل بلغة مهذبة وصادقة. المعلمة استمعت بانتباه شديد، وطمأنت سارة أنها فعلت الصواب تمامًا.
ولأن المعلمة كانت حريصة على تعزيز القيم الإيجابية في الصف، قررت ألا توبّخ نسرين مباشرة. بل على العكس، اقترحت تنظيم نشاط توعوي لكل الصف بعنوان “تقبّل الآخر واحترام الاختلاف”، كي يستفيد جميع التلاميذ، دون إحراج أحد.
النشاط التوعوي: درس لن يُنسى
في الأسبوع التالي، شارك الطلاب في النشاط التوعوي الذي كان مليئًا بالقصص، والحوارات، والتمثيليات القصيرة. من خلال هذه الفعالية، تعلّم الأطفال أن لكل شخص ظروفه، وأن النظارات أو أي اختلاف آخر لا يُنقص من قيمة أحد. كما فهموا أن الكلمات الجارحة قد تترك أثرًا نفسيًا كبيرًا.
وخلال هذا النشاط، شاركت نسرين أيضًا، ويبدو أنها بدأت تدرك خطأها. وبعد انتهاء النشاط، تقدّمت نسرين باعتذار إلى سارة، التي بدورها سامحتها بلطف.
الحكمة أقوى من الغضب
ومنذ ذلك اليوم، لم تتعرض سارة لأي سخرية مجددًا، بل أصبحت مثالًا يُحتذى به في التعامل مع المواقف الصعبة. لقد اختارت طريق الحوار بدلًا من العنف، وقررت أن تتحدث إلى الكبار بدلًا من رد الإساءة بمثلها.
الدرس المستفاد من قصة سارة
من خلال قصة سارة، يتعلّم الأطفال أن مواجهة التنمر لا تعني الرد بالمثل، بل تعني استخدام الحكمة، واللجوء إلى الكبار، والبحث عن حلول سلمية تحمي كرامتهم وتُعلّم الآخرين. كذلك، يتضح أن بناء بيئة مدرسية صحية يبدأ بالتوعية المستمرة والاحترام المتبادل.