حدوتة جدتي:قصة سارة والمقارنة المؤذية
كانت سارة فتاة في الصف السادس، هادئة الطبع، تحب الرسم وتعشق الألوان. وعلى الرغم من أنها تبذل جهدًا كبيرًا في دراستها، إلا أن والدتها كانت دائمًا ما تقول لها:
“شوفي أختك ريم، دايمًا من الأوائل، ليه ما تبقي زيها؟”
وهكذا، كانت سارة تشعر وكأنها لا تكفي، بل وتزداد شعورها بالنقص يومًا بعد يوم. فبينما كانت ريم متفوقة دراسيًا وتحظى بمديح مستمر، كانت سارة تشعر أنها لا تستحق الفخر، بالرغم من كل محاولاتها.
شعور سارة بالنقص وتأثير المقارنة المستمر
مع مرور الوقت، بدأت سارة تفقد ثقتها بنفسها تدريجيًا. فكلما سمعت كلمات مثل “أختك أشطر منك” أو “ريم دايمًا تعرف تتصرف”، كانت تغرق أكثر في بحر من المشاعر السلبية.
بالإضافة إلى ذلك، أصبحت تتجنب التحدث في الفصل، أو حتى المشاركة في أي نشاط مدرسي، لأنها اعتقدت أنها ليست جيدة بما فيه الكفاية.
لكن، وعلى الرغم من هذا الإحباط، لم تتوقف سارة عن الرسم. كانت ترسم في دفترها الصغير، بعيدًا عن أعين الجميع، فقط لتفرغ ما بداخلها من مشاعر.
وذات يوم، وخلال حصة التربية الفنية، لاحظت المعلمة “سحر” شيئًا مختلفًا. فعندما طلبت من الطالبات رسم منظر طبيعي، أخرجت سارة ألوانها، وبدأت ترسم بكل شغف.
وبينما انشغلت الأخريات بمحاولات عادية، كانت لوحة سارة تنبض بالحياة. عند انتهاء الحصة، اقتربت المعلمة من سارة وقالت:
“رسمة رائعة! هل رسمتيها من وحي خيالك؟”
أومأت سارة برأسها، بخجل، فأكملت المعلمة:
“أنتِ موهوبة جدًا! هل تسمحين لي أن أعرضها في لوحة الشرف الخاصة بالمدرسة؟”
وفورًا، تغير كل شيء.
ابتداءً من ذلك اليوم، بدأت المعلمة سحر تشجع سارة باستمرار. لم تكتفِ فقط بعرض لوحتها، بل طلبت منها أن تساعد في تصميم لوحات الأنشطة المدرسية.
ومع الوقت، بدأت سارة تستعيد ثقتها بنفسها. بل والأكثر من ذلك، أصبحت تشارك في الأنشطة وتبتسم بثقة، بعدما كانت تختبئ خلف ظل أختها.
لحظة الاعتراف: الأهل يلاحظون الفرق
وفي أحد الأيام، عادت سارة إلى المنزل وهي تحمل شهادة تقدير من المدرسة تقديرًا لموهبتها الفنية. نظرت إليها والدتها بدهشة، ثم ابتسمت وقالت:
“ما توقعت إنك موهوبة لهالدرجة! أنا آسفة إني دايمًا كنت أقارنك بأختك، واضح إن لك طابعك الخاص.”
فابتسمت سارة، لأول مرة من قلبها، وقالت:
“كل واحد فينا مختلف، وأنا مبسوطة إني قدرت أكون نفسي.”
وهكذا، تعلمت عائلة سارة أن لكل طفل طريقه، ومواهبه، ومجاله الذي يتألق فيه.
بل إن المقارنة، على الرغم من نية الأهل الطيبة، قد تخلق شعورًا بالنقص، وتقتل الثقة بالنفس.
ومن ناحية أخرى، فإن التشجيع واكتشاف الموهبة، يمكن أن يعيد بناء الطفل من جديد، بل ويمنحه جناحين للطيران