قصة عمر وفعل الخير الخفي

حدوتة جدتي:قصة عمر وفعل الخير الخفي

في عالم الطفولة النقي، هناك دروس ثمينة يتعلمها الطفل من المواقف اليومية. ومن أهم هذه الدروس: أن فعل الخير دون انتظار مقابل هو من أعظم القيم التي تزرع في القلب. في هذه القصة، نرافق الطفل عمر، الذي تعلّم درسًا عظيمًا دون أن يخطط لذلك.

بداية الحكاية: زميل جديد في الفصل

في صباح يوم مشمس، دخل الطفل عمر إلى فصله الدراسي في مدرسته الجديدة. وبينما كان يجلس على مقعده في الصف الرابع الابتدائي، لاحظ وجود طفل جديد يجلس وحده في آخر الفصل، يبدو عليه الخجل والهدوء. اسمه كريم، وقد انتقل مؤخرًا من مدينة بعيدة.

ورغم أن الجميع كانوا منشغلين بأحاديثهم وألعابهم، إلا أن عمر كان يلاحظ شيئًا غريبًا: كريم لا يشارك كثيرًا، وغالبًا ما تبدو حقيبته غير مرتبة، ودفاتره مبعثرة.

موقف بسيط يغير كل شيء

ذات يوم، بعد انتهاء الحصة الأخيرة، نسي كريم دفتره على الأرض، فالتقطه عمر دون أن يخبر أحدًا، ثم أعاده إلى حقيبته وحرص على ترتيب كتبه في صمت. لم يرد أن يحرج كريم أو يجعله يشعر بالضعف.

ومن هنا، بدأت العادة الجميلة. في كل يوم، كان عمر ينتظر خروج الجميع، ثم يتسلل نحو حقيبة كريم، ويرتب كتبه ودفاتره، ويجمع أقلامه المتناثرة، دون أن يلاحظ أحد.

الخير الذي لا يرى… يراه الله

مرت الأيام، واستمر عمر في فعل الخير بصمت. لم يخبر أصدقاءه، ولم يتفاخر بما يفعل. ومع ذلك، لم يكن يعلم أن هناك عينًا تراقب بصمت.

نعم، إن الأستاذ طارق، معلم اللغة العربية، كان يلاحظ أن حقيبة كريم التي كانت دائمًا فوضوية، أصبحت منظمة بشكل غريب! وبعد مراقبة دقيقة، اكتشف أن عمر هو من يقوم بهذا العمل الخفي كل يوم.

ولأنه معلم حكيم، لم يواجه عمر على الفور، بل قرر أن يكرمه بطريقة ترسّخ هذا السلوك الرائع.

مفاجأة في الإذاعة المدرسية

في صباح يوم الاثنين، اجتمع الطلاب في الطابور الصباحي كالمعتاد، لكن الإذاعة المدرسية بدأت هذه المرة بكلمات مؤثرة من الأستاذ طارق، قال فيها:
“هناك طالب بيننا يفعل الخير كل يوم، دون أن يخبر أحدًا، ودون أن ينتظر شكرًا من أحد. هو مثال للخلق النبيل، والتواضع الجميل، والنية الصافية.”

ثم نادى بصوت واضح: “أرجو أن يتقدّم الطالب عمر إلى المنصة.”

تفاجأ عمر! وتقدّم بخجل وهو لا يعرف السبب.

أمام زملائه، قام المعلم بتكريمه وشكره قائلاً:
“لقد أثبتّ يا عمر أن الخير لا يضيع، وأن الله يرى ما نخفيه من نوايا طيبة، ويكافئنا في الوقت المناسب.”

رجع عمر إلى مقعده وهو يشعر بالفخر، ليس لأنه حصل على جائزة، بل لأنه أدرك شيئًا أعمق:
أن أجمل الأفعال، هي تلك التي لا تنتظر مقابلها.

ومنذ ذلك اليوم، لم يتوقف عمر عن فعل الخير، بل أصبح يلهم أصدقاءه أن يفعلوا مثله. وهكذا، تحول فعل بسيط إلى رسالة عظيمة.