قصة قيمة الاحترام بين الأجيال: حكايات الجدة ليلى

حدوتة جدتي:قصة قيمة الاحترام بين الأجيال

في زمنٍ أصبحت فيه الشاشات جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، كان “أحمد” طفلًا يفضل الأجهزة الإلكترونية على أي نشاط آخر.

إذ كان يقضي معظم وقته في مشاهدة الفيديوهات أو لعب الألعاب. على الرغم من محاولات والدته المتكررة لدفعه للتفاعل مع جدته “ليلى”، إلا أنه كان يرفض الاستماع، مفضلًا البقاء وحده مع جهازه اللوحي.

في كل مرة كانت الجدة تحاول أن تحكي له قصة من قصصها القديمة، كان يرد سريعًا: “لاحقًا يا جدتي، أنا مشغول.” ومع مرور الأيام، أصبحت هذه العبارة تتكرر بشكل شبه يومي. وهكذا، بدأ الصمت يسيطر على العلاقة بينهما. فبدلًا من الحوارات الدافئة، عمّ السكون أركان الجلسات العائلية.

نقطة التحول: الليلة التي تغير فيها كل شيء

ولكن، ذات مساء هادئ، انقطع التيار الكهربائي فجأة. فتوقفت الشاشات، وساد الظلام المنزل. وبينما جلس الجميع في أماكنهم بملل واضح، لم يجد أحمد شيئًا يفعله. عندئذٍ، لمح جدته جالسة في أحد أركان الغرفة، تحت ضوء شمعة بسيطة، وكانت تحيك الصوف بصمت.

بعد لحظة من التردد، اقترب منها وجلس بجانبها. ثم قال بصوت خافت: “هل يمكنك أن تحكي لي الآن إحدى قصصك؟”

البداية الحقيقية: أول حكاية من الزمن الجميل

فور سماعها هذه الكلمات، ابتسمت الجدة بسعادة خفيفة. ثم بدأت تحكي له قصة عن طفولتها في القرية. تحدثت عن الرسائل الورقية التي كانت تنتظرها بالأيام، وعن جدّه الذي كان يمشي مسافات طويلة لرؤيتها. استمع أحمد بانتباه شديد، وعيناه تلمعان بالدهشة.

وبعد انتهاء القصة، قال: “قصتك جميلة يا جدتي. لم أعلم أن الماضي بهذا الجمال.” فأجابته برقة: “كنت أحاول، لكنك لم تكن تملك الوقت لسماعها.”

كل ليلة حكاية… وكل حكاية تحمل درسًا

منذ ذلك الحين، أصبحت جلسة الحكايات مع الجدة عادة محببة لأحمد. في كل ليلة، كان يستمع لحكاية جديدة، تحمل في طياتها درسًا مختلفًا. فأحيانًا كانت القصة عن الصبر، وأحيانًا أخرى عن الكرم، وفي بعض الليالي كانت عن التضحية أو الأمانة.

ومع مرور الوقت، بدأت ملامح التغيير تظهر على أحمد. فمن جهة، قلّ استخدامه للهاتف. ومن جهة أخرى، ازداد احترامه للكبار. بدأ يفتح الباب لجدته، ويساعدها دون أن تطلب.

من خلال هذه اللحظات البسيطة، أدرك أحمد أن احترام الكبار لا يعني فقط الاستماع لهم. بل على العكس تمامًا، هو تقدير عميق، واهتمام صادق، وتواصل حقيقي. في المقابل، اكتشف أن الأجهزة لا تعوّض دفء العلاقات الإنسانية، ولا تغني عن حديث القلب.

 رسالة لكل طفل

في النهاية، احترام الأجيال الأكبر ليس واجبًا فقط، بل هو فرصة لاكتشاف كنوز من القصص والخبرات التي لا تقدّر بثمن. لذلك، يجب أن نتوقف قليلًا، وأن نصغي إليهم بقلوبنا، قبل آذاننا.

وهكذا، تبقى الحكايات القديمة جسورًا تربط بين الماضي والحاضر، وتزرع في الأطفال قيمًا لا تمحوها الأيام