في صباح مشمس، ذهب هشام إلى المدرسة كعادته ولكنه كان يشعر ببعض التوتر. فقد تأخر في الاستيقاظ، ونسي واجبه المدرسي، وكان مزاجه سيئًا.
وعندما دخل الفصل، اقترب منه زميله كريم بابتسامة عريضة، قائلاً:
“صباح الخير يا هشام!”
لكن بدلاً من الرد، نظر إليه هشام بغضب وقال بصوت مرتفع:
“اتركني وشأني!”
في لحظتها، عمّ الصمت الفصل، وارتسمت ملامح الدهشة على وجه كريم، بينما انكمش هشام في مقعده وكأن شيئًا لم يحدث. ومع مرور الحصة، بدأ هشام يشعر بوخز الضمير، ولكنّه حاول تجاهل الأمر.
مع انتهاء اليوم الدراسي، وبينما كان هشام يسير وحيدًا في طريق العودة، بدأت الأفكار تتدفق إلى رأسه واحدة تلو الأخرى. في البداية، حاول تبرير ما حدث قائلاً في نفسه:
“لقد كنت متعبًا! هو من اختار الوقت الخاطئ للحديث!”
ولكن، وبعد قليل من الصمت، وجد نفسه يقول:
“ومع ذلك، هل كان من الصواب أن أصرخ في وجهه؟ ماذا لو كنت أنا مكانه؟”
وهنا بدأ حوار داخلي حقيقي. إذ قال هشام لنفسه:
“تصرفك لم يكن لائقًا، حتى لو كنت متضايقًا. يجب أن تتحمل مسؤولية أفعالك.”
بمرور الوقت، بدأ هشام يدرك أن الخطأ لا يُصحَّح بالتبرير، بل بالاعتراف وتحمل العواقب. ولذلك، قرر أن يعتذر.
ولكنه تساءل:
“هل سيكون من السهل أن أقول له آسف؟ ماذا لو لم يقبل اعتذاري؟”
ثم أجاب نفسه:
“ربما، ولكن المحاولة أفضل من الصمت. الاعتذار لا يعني الضعف، بل هو شجاعة.”
في صباح اليوم التالي، ذهب هشام إلى المدرسة وقلبه يخفق بشدة. وعندما رأى كريم يجلس وحده، اقترب منه وقال بصوت خافت ولكن صادق:
“كريم، أنا آسف على ما بدر مني أمس. لم أكن في مزاج جيد، لكن هذا لا يبرر ما فعلته.”
ابتسم كريم وقال:
“ولا يهم يا هشام، كلنا نمر بأيام صعبة. شكرًا على شجاعتك.”
الدرس المستفاد
منذ تلك اللحظة، أدرك هشام أن التفكير في التصرفات ليس مجرد لحظة تأمل، بل هو أداة مهمة لفهم الذات وتصحيح المسار. فقد تعلم أن:
التسرع في الغضب لا يُنتج سوى الندم.
التفكير الذاتي يساعد على رؤية الأمور من زاوية مختلفة.
الاعتذار قوة، وليس ضعفًا.
كل خطأ يحمل في طياته فرصة للتعلم والنمو.
وهكذا، أصبحت تلك الحادثة نقطة تحوّل في شخصية هشام. إذ لم يعد يتصرف بناءً على مشاعره اللحظية فقط، بل صار يُمعن التفكير، ويحلّل المواقف، ويبحث عن الأفضل.
وفي النهاية، لا بد من التأكيد على أن الحوار مع النفس ليس مجرد تسلية عقلية، بل هو مهارة حياتية تعلّم الإنسان كيف يكون مسؤولًا، وكيف يصلح ما أفسده، ليبني مستقبله بثقة وثبات.