حدوتة جدتي:قصة ليلى والنوم المتأخر
كانت ليلى طفلة في السادسة من عمرها، تتميز بالذكاء والحيوية، وتعيش في كنف أسرة تهتم برعايتها النفسية والجسدية. وعلى الرغم من ذلك، ظهرت لدى ليلى عادة سلبية شائعة بين العديد من الأطفال، ألا وهي رفض النوم المبكر.
في كل ليلة، ومع اقتراب موعد النوم، تبدأ ليلى في اختلاق الأعذار لتأجيل الذهاب إلى السرير. فتارة تطلب المزيد من اللعب، وتارة أخرى تدّعي أنها ليست نعسانة، مما يجعل الأم في حيرة من أمرها، خصوصًا مع ازدياد عناد ليلى.
المشكلة: تأثير السهر على الطفل
مع مرور الوقت، بدأت آثار السهر المتكرر تظهر بوضوح على ليلى. فقد بات استيقاظها في الصباح مهمة صعبة، وأصبحت تذهب إلى الحضانة وهي مرهقة، فاقدة للحيوية والنشاط الذي كان يميزها.
بالإضافة إلى ذلك، لاحظت المعلمة أن تركيزها قد انخفض، كما بدأت والدتها تلاحظ مزاجها المتقلب، وسرعة انفعالها على غير المعتاد. وعند التفكير في السبب الرئيسي، وجدت الأم أن العادة المتكررة في السهر هي السبب المباشر في هذا التغيير.
المواجهة: حوار هادف بين الأم والطفلة
بدلاً من استخدام أسلوب التهديد أو فرض الأوامر، اختارت الأم أن تبدأ حوارًا هادئًا وبنّاءً مع ابنتها. وفي إحدى الليالي، جلست بجانبها وقالت:
“ليلى، هل لاحظتِ أنكِ في الآونة الأخيرة تجدين صعوبة في الاستيقاظ؟ وهل تشعرين بالتعب أثناء النهار؟”
أجابت الطفلة بصوت خافت:
“نعم، أنا أكون متعبة في الصباح، وأحيانًا أشعر بالنعاس في الفصل.”
عندها أوضحت الأم بلغة بسيطة ومناسبة لعمر ليلى أن جسم الإنسان يحتاج إلى راحة كافية ليلًا حتى يتمكن من التركيز واللعب والتعلُّم نهارًا. ثم اقترحت تجربة النوم المبكر لمدة أسبوع، على أن تتشاركا معًا في وضع روتين ليلي بسيط يتكرر كل ليلة.
التجربة: إنشاء روتين ثابت للنوم
بدأت ليلى بتجربة الروتين المقترح، والذي كان يتضمن الخطوات التالية:
تناول وجبة خفيفة قبل النوم بساعة.
غسل الأسنان وتنظيف الوجه.
ارتداء ملابس النوم.
قراءة قصة قصيرة مع والدتها.
إطفاء الأنوار والاسترخاء في السرير.
ورغم أن ليلى لم تكن معتادة على هذا التسلسل في البداية، إلا أنها بدأت تشعر بالراحة مع مرور الأيام.
النتائج: تغيرات إيجابية ملموسة
بعد مرور عدة أيام من الالتزام بالروتين الجديد، بدأت التحولات الإيجابية تظهر بوضوح. فقد أصبحت ليلى تستيقظ بسهولة، وتذهب إلى الحضانة وهي في حالة مزاجية أفضل. كما لاحظت والدتها أنها أصبحت أكثر تركيزًا وهدوءًا، مما زاد من ثقتها في فاعلية النوم المبكر.
والأهم من ذلك، أن ليلى نفسها بدأت تفضّل النوم المبكر، وأصبحت تطلب من والدتها قراءة القصة في وقت محدد كل ليلة، دون تذكير أو إلحاح.
الدروس المستفادة من القصة
تبرز قصة “ليلى والنوم المتأخر” أهمية اتباع أسلوب تربوي إيجابي يعتمد على الحوار والتجربة بدلًا من الأوامر المباشرة. كما توضح أن الأطفال قادرون على تغيير سلوكهم عندما يشعرون بآثار ذلك التغيير على راحتهم وسعادتهم.
فإن النوم المبكر ليس فقط ضرورة صحية، بل هو أحد أساسيات النمو العقلي والانفعالي للأطفال، ويمكن تحقيقه بسهولة من خلال أسلوب حواري واعٍ وروتين يومي ثابت.