حدوتة جدتي:قصة ليلى وقيمة احترام الكبار
في صباحٍ مشمس من أيام الربيع، استيقظت ليلى بنشاطٍ كعادتها، ارتدت زيها المدرسي وحملت حقيبتها الصغيرة التي تحبها كثيرًا. كانت متحمسة للذهاب إلى المدرسة، خاصة أن اليوم سيشهد رحلة مدرسية إلى متحف الحضارة.
وبينما كانت تسير برفقة والدها نحو موقف الحافلة، كانت تتحدث بحماسة عن الأشياء التي تنوي اكتشافها.
عندما وصلت الحافلة وتوقفت أمام المدرسة، صعد الطلاب واحدًا تلو الآخر. كانت الحافلة ممتلئة تقريبًا، ولكن لحسن الحظ، وجدت ليلى مقعدًا بجوار النافذة، فجلست فيه بسرعة وهي تبتسم. وبعد دقائق، صعدت سيدة مسنة برفقة حفيدها الصغير، وكانت تنظر حولها بحثًا عن مقعد فارغ، ولكن للأسف، لم يكن هناك أي مقعد متاح.
في البداية، نظرت ليلى من النافذة، ثم عادت بنظرها نحو السيدة. كانت تبدو متعبة وتحاول أن تتماسك. عند هذه اللحظة، بدأت ليلى تشعر بشيء يتحرك في قلبها. وبالرغم من أنها كانت تحب الجلوس بجوار النافذة، إلا أنها تذكرت ما قاله والدها مرارًا: “احترام الكبير من شيم الكرام.”
فجأة، وقفت ليلى وقالت بلطف: “تفضلي يا جدتي، اجلسي مكاني.”
ابتسمت السيدة وقد بدا عليها الامتنان، وقالت: “بارك الله فيكِ يا بنيتي.”
جلس الحفيد بجانب جدته، بينما انتقلت ليلى لتقف في الممر وهي تمسك بيد الكرسي القريب.
لاحظت المعلمة ما حدث، فاقتربت من ليلى وربتت على كتفها قائلة: “تصرفك هذا يدل على تربية طيبة. أحسنتِ يا ليلى.”
عندها، شعر بعض الطلاب بالخجل لأنهم لم يلتفتوا لتصرف مشابه، وبدأوا يتحدثون فيما بينهم عن أهمية احترام الكبار.
ومن جهة أخرى، أثار تصرف ليلى إعجاب السائق نفسه، فقال بصوت مسموع: “لو كان كل الأطفال مثل هذه الطفلة، لكانت الدنيا بخير.”
عند وصول الحافلة إلى المتحف، لاحظ الجميع أن السيدة لا تزال تبتسم وتنظر نحو ليلى بين الحين والآخر. بل إنها اقتربت منها لاحقًا وقالت: “لقد أسعدتِ قلبي اليوم، وسأدعو لكِ دومًا.”
شعرت ليلى بسعادة حقيقية لم تشعر بها من قبل. ورغم أنها لم تشاهد كل ما كانت تخطط له في المتحف، إلا أن ما حدث معها كان أكثر أهمية من أي شيء.
الدرس الذي تعلمته ليلى
في نهاية اليوم، وعند عودتها إلى المنزل، حكت ليلى لوالدها كل ما حدث. فقال لها بفخر:
“يا ليلى، من يحترم الكبير، يُحترم في كل مكان. لقد تعلمتِ اليوم درسًا لا يُنسى، وهو أن الرحمة والاحترام هما ما يجعل الإنسان عظيمًا.”
إن احترام كبار السن ليس مجرد تصرف مهذب، بل هو قيمة إنسانية عظيمة، تدل على الأخلاق الرفيعة والتربية السليمة. فالكبير لديه خبرة في الحياة، ويستحق التقدير والمساندة في كل وقت. ومن خلال قصص مثل قصة ليلى، يتعلم الأطفال أن تقديم المساعدة والاحترام لا ينتقص من شخصيتهم، بل يزيدهم احترامًا ومحبة في قلوب الآخرين.