قصة: “مالك والغضب الكبير” – رحلة طفل صغير لتعلّم ضبط النفس

حدوتة جدتي:قصة: “مالك والغضب الكبير”

في حي هادئ مليء بالأشجار والضحكات، كان يعيش “مالك”، طفل في السابعة من عمره، ذكي وفضولي، لكنه كان سريع الغضب. في كل مرة يتعرض لموقف لا يعجبه، كان ينفجر كبركان صغير لا يمكن إيقافه.

وبرغم أن قلبه طيب، إلا أن عصبيته كانت تبعد عنه الأصدقاء أحيانًا، وتزعج والديه كثيرًا.

قصة: "مالك والغضب الكبير"

بداية متكررة للمشكلة

ذات يوم، في المدرسة، كان مالك يلعب في الفناء مع صديقه “آدم”. وأثناء اللعب، أمسك آدم بكرة مالك، وركض بها بعيدًا مازحًا. لكن بدلًا من أن يضحك مالك أو يطلبها بلُطف، صرخ بأعلى صوته:
“رجع الكورة حالًا! وإلا مش هكلمك تاني!”

تجمع الأطفال حولهما، وتحوّل الموقف إلى إحراج. تراجع آدم، وأعاد الكرة، لكنه شعر بالحزن، وابتعد في صمت. لاحقًا، عندما دخل المعلم الفصل، لاحظ انزعاج مالك وغياب آدم عن الحديث المعتاد. فاقترب وسأل بلطف، ولكن مالك لم يرد، فقط نظر للأرض غاضبًا.

المنزل يشهد موقفًا مشابهًا

عندما عاد مالك للبيت، كانت أخته “سارة” تلعب بألعابه دون إذنه. ومع أن أمه طلبت منها الانتهاء من اللعب قبل عودته، إلا أنها نسيت. وما إن دخل مالك الغرفة، حتى صرخ فيها:
“دي حاجتي! امشي من هنا فورًا!”
ثم دفع الألعاب على الأرض، وتسبب في بكاء سارة.

سمعت الأم الضجة، وجاءت مسرعة. في البداية، حاولت تهدئة سارة، ثم جلست بجانب مالك، وقالت:
“إنت زعلان؟ طيب تعال نحكي مع بعض، من غير صوت عالي ولا زعل.”

محاولة التغيير تبدأ

في تلك الليلة، جلس الأب والأم مع مالك وتحدثوا بهدوء. شرحوا له أن العصبية بتبعد الناس، وأنه ممكن يعبر عن مشاعره بطرق أحسن. وقرروا سويًا يعملوا خطة تساعده يسيطر على غضبه.

أول خطوة؟ “دفتر الغضب”.

كلما شعر بالغضب، كان مالك يكتب فيه أو يرسم. وأحيانًا، يلون صفحة بالكامل بالأحمر ليخرج ما بداخله بدلًا من الصراخ. ثاني خطوة؟ “عد للعشرة”. كلما توتر، يأخذ نفسًا عميقًا، ويعد للعشرة في صمت. ثالث خطوة؟ “كلمة سر” يتفق عليها مع أمه، يقولها لما يحتاج يهدأ أو يتكلم براحة بدون أحكام.

أول اختبار حقيقي

في يوم الخميس، كان هناك نشاط جماعي في المدرسة. طلب المعلم من كل فريق تحضير عرض. وكان دور مالك أن يكتب الكلمات على اللوح. وبينما هو يكتب، ضحك زميله “رامي” ساخرًا، وقال:
“مالك كتب كلمة غلط! ده ما بيعرفش يتهجّى.”

شعر مالك أن الدم يصعد لرأسه، وكان على وشك أن ينفجر! لكن، فجأة تذكّر دفتره، وتذكّر العد للعشرة. فوقف لحظة، تنفّس بعمق، ثم رفع رأسه وقال بهدوء:

“ممكن أصلّحها، كلنا بنغلط أوقات.”

تفاجأ الجميع من رد فعله الهادئ، حتى المعلم ابتسم وقال له:
“أحسنت يا مالك، دي شجاعة حقيقية.”

بعد ذلك، بدأ مالك يلاحظ الفرق. أصدقاؤه صاروا يلعبون معه أكثر. حتى سارة، أخته الصغيرة، أصبحت تحكي له عن يومها، دون خوف من غضبه. بل الأجمل من ذلك، أن مالك بدأ يساعد زملاءه على فهم مشاعرهم. في إحدى الحصص، قال لصديقه:
“لو حسيت إنك عايز تصرخ، جرب تاخد نفس زيّي… هتحس براحة.”

في أحد الأيام، خلال زيارة عائلية، أخذ أحد الأطفال لعبته المفضلة وكاد أن يكسرها. نظر إليه مالك بعصبية، لكن بدلًا من أن يصرخ، ركض إلى أمه وقال:
“ممكن تساعديني؟ أنا مش مرتاح إن حد يلعب بلعبتي.”

ابتسمت الأم وقالت له:
“أنا فخورة بيك، بجد عرفت تتحكم في نفسك.”

الدرس المستفاد

لقد تعلّم مالك درسًا مهمًا: العصبية لا تحل المشاكل، بل تزيدها. ولكن، الهدوء والتعبير عن المشاعر بطريقة محترمة يمكن أن يصنع فرقًا كبيرًا.

تظهر قصة “مالك والغضب الكبير” كيف يمكن لأي طفل، مهما كان عصبيًا، أن يتعلم مهارات التحكم في النفس. من خلال الدعم الأسري، والصبر، واستخدام أدوات بسيطة، مثل دفتر الغضب أو العد للعشرة، يمكن تحويل الطفل العصبي إلى طفل هادئ وقوي.