قصة عمر والتسامح

                               قصة عمر والتسامح
كان هناك ولد اسمه عمر، معروف في قريته وبين أصدقائه بأنه ولد طيب ومهذب جدًا. كان الجميع يحترمونه ويحبونه بسبب لطفه وأخلاقه العالية. لم يكن عمر يحب المشاكل أبدًا، وكان دائمًا يسامح الآخرين حتى لو أخطأوا في حقه.

عمر

الـــبـــدايـــة

في مدرسته، كان عمر طالبًا مجتهدًا، دائم الابتسامة، ودائمًا مستعد لمساعدة زملائه. لكنه كان يعاني من مشكلة واحدة: كان يسامح الآخرين بسهولة حتى لو أساؤوا إليه. بعض زملائه لم يكونوا طيبين مثل عمر؛ كانوا يستغلون طيبته، ويأخذون منه أدواته المدرسية، مثل الأقلام والدفاتر، وأحيانًا كانوا يضايقونه أو يضربونه في الملعب.

عندما كان يعود إلى البيت، كانت أمه تسأله:

  • “إيه يا عمر، ليه شكلك زعلان؟”
    كان يرد بابتسامة خفيفة:
  • “مفيش حاجة، يا ماما، كله تمام.”

لكن الحقيقة أن عمر كان يشعر بالحزن، لأنه كان يعلم أن طيبته الزائدة تجعله عرضة للإساءة، لكنه لم يكن يعرف كيف يتصرف.

الـــتـــحـــدي

في أحد الأيام، كان هناك طالب جديد اسمه كريم. كان كريم يتصرف بنفس الطريقة مع عمر: يأخذ أدواته ويزعجه في الملعب. وفي يوم من الأيام، قرر كريم أن يأخذ كتاب الرياضيات الخاص بعمر قبل الامتحان مباشرة. عندما ذهب عمر ليطلب كتابه، قال له كريم بسخرية:

  • “مش هرجعه، شوف كتاب غيره!”

شعر عمر بالإحباط، لكنه لم يقل شيئًا. عاد إلى المنزل حزينًا جدًا، وكان أخوه الكبير، حسن، يلاحظ ذلك. فسأله:

  • “إيه يا عمر، مالك زعلان؟”
    لم يستطع عمر إخفاء مشاعره هذه المرة، وحكى لأخيه عن كل شيء: كيف يعامله زملاؤه وكيف يأخذون أغراضه ويضايقونه، وكيف أنه يسامحهم دائمًا لأنه لا يحب أن يغضب أحد منه.

ابتسم حسن بحنان وقال:

  • “بص يا عمر، التسامح حاجة جميلة جدًا، لكن في فرق بين إنك تكون طيب وبين إنك تسمح للناس يستهزؤوا بيك أو يظلموك. لازم تعرف تحمي حقك، لأنك لو ما دافعتش عن نفسك، الناس مش هتحترمك زي ما تستحق.”

الـــتـــغـــيـــر

أخذ عَمر كلام أخيه على محمل الجد. وفي اليوم التالي، ذهب إلى المدرسة وهو يشعر بثقة أكبر. عندما حاول كريم أن يأخذ شيئًا من عَمر، قال له بهدوء:

  • “لأ يا كريم، ده حقي، وأنا مش هسمح إن حد ياخده مني تاني. لو محتاج حاجة، اطلبها مني باحترام.”

تفاجأ كريم من رد عَمر، لكنه لم يقل شيئًا. بدأ زملاؤه يلاحظون تغيره، ولم يعودوا يجرؤون على مضايقته.

الـــتـــحـــدي الأكـــبـــر

بعد أسابيع، قررت المدرسة إقامة مباراة كرة قدم بين الفصول. كان عَمر قائد فريقه، وكان كريم في الفريق الآخر. أثناء المباراة، حاول كريم أن يلعب بخشونة مع عَمر ليجعله يغضب، لكن عَمر كان هادئًا ومركزًا على المباراة. قاد فريقه للفوز، وعندما انتهت المباراة، اقترب من كريم ومد له يده قائلاً:

  • “مبروك على اللعب الجميل. المرة الجاية ممكن تكون النتيجة مختلفة لو لعبنا بروح رياضية أكتر.”

تفاجأ كريم من رد فعل عَمر، وشعر بالخجل من تصرفاته السابقة. ومنذ ذلك اليوم، تغير كريم وبدأ يعامل عَمر باحترام.

الـــنـــهـــايـــة

تعلم عَمر أن الطيبة والتسامح صفات جميلة، لكنها يجب أن تكون مقترنة بحماية حقوقه واحترامه لنفسه. ومن جهته، تعلم كريم درسًا عن أهمية الاحترام وعدم استغلال الآخرين.

العبرة: التسامح من صفات الكبار، لكن يجب أن نعرف متى نقول “لا” ونحمي حقوقنا. احترام النفس هو الطريق لكسب احترام الآخرين.