قصص رمضانية :حكاية الجدة عن الغيبة والنميمة
المشهد الأول: زيارة الجدة والمفاجأة
في مساء رمضاني دافئ، بينما كانت الفوانيس تضيء الشوارع، ذهب عمرو ورونزا إلى بيت جدتهما الحاجة فاطمة لتناول الإفطار معها. كانت رائحة الطعام الشهي تملأ المكان، وصوت القرآن يتردد في الخلفية، مما جعل الأجواء أكثر روحانية.
بعد لحظات، وبينما كانت الجدة ترتب أطباق الإفطار، لاحظت أن رونزا تهمس في أذن عمرو وتضحك بصوت منخفض. عندئذ، توقفت الجدة عن عملها وسألتها بلطف: “ماذا تقولين يا حبيبتي؟”
احمر وجه رونزا قليلًا، ثم أجابت مترددة: “كنت أخبر عمرو بشيء عن جارتنا أم ياسين.”
عند هذه اللحظة، رفعت الجدة حاجبيها وسألتها بهدوء: “وهل ما ستقولينه شيء طيب؟”
تبادلت رونزا وعمرو النظرات، ثم خفضت رونزا رأسها قائلة: “بصراحة، لا.”
المشهد الثاني: الحكمة العجيبة
ابتسمت الجدة بحنان، ثم أشارت لهما بالجلوس قائلة: “تعالا، لدي لكما قصة صغيرة.”
جلس عمرو ورونزا بتركيز، بينما بدأت الجدة تحكي: “كان هناك رجل يسير في السوق، وعندما قابل صديقه، قال له: هل سمعت ماذا فعل فلان؟ قبل أن يكمل حديثه، سأله الصديق ثلاث أسئلة: هل ما ستقوله عن فلان شيء طيب؟ فقال الرجل: لا. فسأله: هل أنت متأكد أن ما تقوله صحيح؟ فأجاب: لا. فسأله: هل كلامك سيفيدنا بشيء؟ فرد الرجل: لا. عندئذ، قال له الصديق: إذن لماذا تخبرني بشيء غير طيب، وغير مؤكد، ولن يفيدنا؟”
بعد أن انتهت الجدة من القصة، نظر عمرو إليها متأملًا ثم قال: “إذن، إذا لم يكن كلامنا مفيدًا ولا صحيحًا، فمن الأفضل أن نصمت، أليس كذلك؟”
أومأت الجدة برأسها قائلة: “بالضبط يا عمرو. الغيبة والنميمة ليست فقط حرامًا، بل إنها تضيع الوقت، وتزرع العداوة بين الناس.”
المشهد الثالث: الدرس المستفاد
شعرت رونزا بالخجل قليلاً، ثم قالت: “معك حق يا جدتي، لقد أخطأت، ولن أكرر هذا الأمر بعد اليوم.”
عند هذه اللحظة، ابتسمت الجدة وربتت على كتفها بلطف، ثم قالت: “هذا هو روح رمضان. بدلًا من أن نتحدث عن الآخرين، يمكننا استغلال وقتنا في شيء مفيد.”
بعد تفكير قصير، قال عمرو بسعادة: “ما رأيكما أن نساعد في تجهيز الإفطار للصائمين عند المسجد؟ بدلًا من أن نضيع وقتنا في الحديث غير المفيد.”
على الفور، قفزت رونزا بحماس قائلة: “فكرة رائعة، وبهذا سنكسب حسنات أيضًا.”
وهكذا، تعلم عمرو ورونزا درسًا مهمًا في رمضان، وأصبحا يحرصان على قول الخير فقط أو التزام الصمت إذا لم يكن هناك ما يفيد.
العبرة من القصة
من المهم أن نتذكر أن قبل أن نقول أي شيء عن شخص آخر، يجب أن نسأل أنفسنا:
- هل كلامنا طيب؟
- هل هو صحيح؟
- هل سيفيد الآخرين؟
إذا لم تكن الإجابات كلها “نعم”، فمن الأفضل أن نصمت. رمضان هو فرصة عظيمة لنطهر قلوبنا وألسنتنا من الكلام السيئ، ونستبدله بالأعمال الصالحة، لأن الخير هو ما يبقى دائمًا.