حدوتة قبل النوم:قصة الأرنب الذي كان يخاف من الجزر
في أحد الغابات الهادئة، حيث تعيش الأرانب في مجموعات وتتنقل بين المروج الخضراء، كان هناك أرنب صغير يدعى رونّي.
وعلى الرغم من أن باقي الأرانب كانوا يعشقون الجزر ويتناولونه يوميًا دون تردد، إلا أن رونّي كان مختلفًا تمامًا. إذ إنه، ولسبب غير مفهوم، كان يخاف من الجزر!
بداية الحكاية: لماذا يخاف رونّي من الجزر؟
في الواقع، لم يكن رونّي يعرف السبب الحقيقي وراء خوفه. كلما رأى جزرة، شعر بالخوف والتوتر، بل وفي بعض الأحيان كان يختبئ خلف شجرة أو يركض بعيدًا. ومع مرور الوقت، بدأ أصدقاؤه يتهامسون حوله، قائلين: “كيف يمكن لأرنب أن يخاف من الجزر؟ هذا غير طبيعي!”
وبينما كان رونّي يحاول تجاهل تلك الهمسات، بدأ يشعر بالحزن والعزلة. فبين الحين والآخر، كان يتمنى لو لم يكن مختلفًا، أو على الأقل، لو استطاع أن يفهم نفسه.
مغامرة غير متوقعة: لقاء مع السلحفاة الحكيمة
وذات صباح مشرق، وبينما كان رونّي يتجول بعيدًا عن باقي الأرانب، قابل سلحفاة كبيرة في العمر تدعى “حُكمى”. كانت مشهورة في الغابة بأنها حكيمة وتفهم النفوس.
قالت له السلحفاة:
“أراك حائرًا يا صغيري، ماذا يشغل بالك؟”
فأجاب رونّي بتردد:
“أنا أرنب، لكنني أخاف من الجزر… ولا أحد يفهمني.”
ابتسمت السلحفاة بلطف، ثم قالت:
“أحيانًا، نخاف من أشياء لا نفهمها. وربما، مررت بتجربة لم تتذكرها، لكنها أثّرت فيك.”
رحلة في الذاكرة: اكتشاف السبب الحقيقي
وبفضل كلمات السلحفاة، بدأ رونّي يتأمل في ماضيه. وبعد تفكير طويل، تذكّر أنه عندما كان صغيرًا جدًا، حاول أن يأكل جزرة كبيرة فاختنق بها قليلاً، ومنذ ذلك الحين، ارتبط الجزر في ذهنه بالخوف والخطر.
وبمجرد أن فهم السبب، شعر بشيء من الراحة. فالخوف لم يعد غامضًا، بل أصبح شيئًا يمكن التعامل معه.
التغيير يبدأ بخطوة: مواجهة الخوف
في الأيام التالية، وبمساعدة السلحفاة حكمى، بدأ رونّي رحلة جديدة لمواجهة خوفه. في البداية، اقترب من الجزر دون أن يلمسه. ثم بعد ذلك، لمسه بأنفه قليلاً، إلى أن جاء اليوم الذي أخذ قضمة صغيرة جدًا.
وبشكل تدريجي، بدأ يألف طعمه، بل وأدرك أنه لذيذ ومغذٍ.
نهاية القصة: أرنب شجاع وأصدقاء فخورون
وبعد مرور أسابيع، لم يعد رونّي يخاف من الجزر على الإطلاق. بل أصبح يأكله مثل باقي الأرانب، وأصبح مثالًا يُحتذى به في الشجاعة والفهم الذاتي.
وعندما سأله أحد الأرانب الصغار:
“كيف تغلبت على خوفك؟”
أجاب رونّي مبتسمًا:
“بالفهم، والتدرج، والمساعدة من الأصدقاء.”