قصة للاطفال رحلة طارق والعصفور الأزرق

في يومٍ من أيام الربيع، استيقظ طارق من نومه على صوتٍ غريبٍ يأتي من نافذته. فتح عينيه ببطء، فوجد عصفورًا أزرق صغيرًا يقف على حافة النافذة ويغني لحنًا لم يسمعه من قبل. نهض طارق من سريره، اقترب من النافذة، وقال بدهشة:
“من أنت؟ ولماذا تغني هنا؟”
رد العصفور بصوت هادئ:
“أنا رسول من الغابة البعيدة، أتيت أدعوك لرحلة مختلفة… رحلة ستُعلّمك الكثير.”
لم يتردد طارق، بل ارتدى حذاءه، حمل حقيبته الصغيرة، وخرج خلف العصفور دون أن يسأل إلى أين.
الطريق لا يساوي شيئًا بدون الصحبة
سار طارق في البداية وحده، وبدأ يشعر بالحماسة تغمر قلبه. لكن بعد خطوات كثيرة، شعر بالملل والوحشة.
ثم لمح من بعيد فتاةً تمشي وحدها أيضًا. اقترب منها وقال:
“مرحبًا! أنا طارق، أبحث عن المغامرات.”
ابتسمت وقالت: “وأنا ندى، أبحث عن رفيق.”
منذ تلك اللحظة، أصبح الطريق أكثر جمالًا. ضحك الاثنان، لعبا، وتشاركا الطعام. حينها، أدرك طارق لأول مرة أن الصحبة أغلى من الطريق نفسه، وأن الخطوات تصبح أخف حين يرافقها من يشاركنا الحلم.
الرحلة أهم من الوصول
وصلا إلى مفترق طرق كتب عليه: “إلى قمة الجبل” و”إلى حقل الأمنيات”.
قال طارق بحماس: “لنذهب إلى القمة!”
ردت ندى مبتسمة: “لكن الحقل ممتع أيضًا.”
قصة للاطفال للاطفال : قصة أول يوم صيام
قرر الاثنان أن يستكشفا كل طريق، حتى لو لم يصلا إلى مكان بعينه. لعبا في الحقول، تسلقا الأشجار، وتحدثا مع الحيوانات.
في نهاية اليوم، جلسا تحت شجرة كبيرة وقال طارق:
“لم نصل إلى قمة الجبل، لكنني لم أشعر يومًا بهذه السعادة!”
فهزت ندى رأسها وقالت: “لأن الرحلة بحد ذاتها كانت الهدية.”
الزحام لا يعني دفئًا
في منتصف الرحلة، دخلا قرية مزدحمة بالناس. ظن طارق أن الضحكات والأنوار ستُنسيه التعب، لكنه شعر بالغربة وسط كل تلك الوجوه. حاول أن يتحدث مع أحد، لكنهم مرّوا بجانبه دون أن يلتفتوا.
قال لندى بصوت خافت:
“أشعر بالوحدة هنا، رغم الزحام!”
أجابت: “لأن بعض الزحام أضيق من العزلة، والقلوب المغلقة لا تمنح دفئًا حتى لو اجتمعت.”
الخبرة أثمن من الأشياء
في إحدى المحطات، عرض عليهما رجل غريب صندوقًا مليئًا بالذهب. قال: “خذوا هذا الكنز وعودوا من حيث أتيتما.”
فكر طارق قليلًا، ثم قال:
“لكننا لم نكمل الرحلة!”
ضحك الرجل وقال: “وما الذي ستكسبانه؟”
ردت ندى بثقة:
“سنكسب قصصًا لا تُشترى، وخبرات لا تُباع.”
رفض الصندوق وأكملا السير، وهكذا تعلّم طارق أن تجربة واحدة تُغني عن ألف غنيمة.
الروح الجميلة أبقى من الشكل
مرّا على بحيرة تعكس الوجوه مثل المرآة. نظر طارق إلى صورته، ثم إلى ندى، ولاحظ أن البحيرة لا تعكس فقط الملامح، بل الأرواح.
قصة الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين
رأى وجهه عاديًا، لكن صورته في الماء بدت أجمل كلما ابتسم.
فقالت ندى:
“لأن الروح الحلوة تُضيء أكثر من أي ملامح.“
العمل الجيد يعود في حينه
ساعد طارق خلال رحلته سلحفاة صغيرة عالقة في الوحل، دون أن ينتظر شيئًا بالمقابل.
بعد أيام، وقع في نهر جارف، وكاد يغرق، لكن السلحفاة ظهرت فجأة وساعدته.
صرخ وهو يضحك:
“أنتِ أنقذتِ حياتي!”
فقالت: “لأن الخير يعود لصاحبه ولو بعد حين.“
أعظم البطولات لا يراها أحد
واجه طارق موقفًا صعبًا عندما حاول ذئب شرس مهاجمة ندى. دافع عنها بشجاعة، رغم أنه لم يخبر أحدًا لاحقًا. لم يحتفل به أحد، ولم تكتب عنه الصحف، لكنه شعر بقوة داخلية جديدة.
نظر إلى ندى وقال:
“أظن أن أهم ما فعلناه في هذه الرحلة لن يعرفه أحد، لكننا نعرفه نحن.”
ثم… تعلم أن الصمت قوة
في نهاية الرحلة، جلس طارق على قمة تلّ صغير. سألته ندى:
“بماذا تفكر؟”
التسجيل في مبادرة براعم مصر الرقمية
فقال:
“أفكر أنني كنت أظن الصمت ضعفًا، لكنني الآن أفهم أنه أحيانًا أقوى من كل الكلام.”
ثم ابتسم وأضاف:
“وتعلمت أن الهدوء لا يعني الاستسلام، بل يعني أنني أعرف كيف أثبت في وجه الريح، وأقاوم المكائد بشجاعة.“
الكرامة لا تُساوم
عاد طارق إلى بيته وقد تغيّر تمامًا. لم يعد يبحث عن رضى الجميع، ولم يتنازل عن كرامته أبدًا.
واجه الناس بثقة، مشى بطريقه دون أن يتوقف كل مرة ليسمع رأي الآخرين.
لأنه الآن يعلم جيدًا أن العزة لا تُمنح، بل تُنتزع بثقة من يعرف قدر نفسه.
النهاية… والبداية
وهكذا، انتهت رحلة طارق، لكنها لم تكن نهاية المغامرة.
بل كانت بداية لفهمٍ جديد، ونضجٍ مختلف، وحكاية تُروى كلما سأل أحدهم:
“ماذا تعلمت من الرحلة؟”