قصة صالح والتصرف بحكمة
في قرية صغيرة وهادئة، كان هناك ولد يُدعى صالح. كان صالح مختلفًا عن باقي الأطفال في القرية، فقد كان هادئًا، قليل الكلام، ويُفضل الصمت على الحديث الزائد. كان دائمًا يُفكر قبل أن يتكلم، وكانت كلماته قليلة لكنها مؤثرة. لم يكن صالح يرى في الصمت مجرد عادة، بل كان يعتبره علامة على الحكمة والاتزان.
كان صالح أيضا متفوقًا في دراسته، ودائما ما يحقق أعلى الدرجات. الجميع كانوا يحترمونه لأدبه وذكائه، لكن أصدقاءه في المدرسة كانوا مختلفين عنه تماما؛ كانوا يتحدثون بلا توقف، يمزحون كثيرا، وأحيانًا يسببون المشاكل. صالح، رغم هدوئه، كان يحبهم ويحاول أن ينصحهم بهدوء عندما يخطئون، لكنهم نادرًا ما كانوا يستمعون إليه.
الـــمـــذاكـــرة الـــجـــمـــاعـــيـــة
في أحد الأيام، قرر صالح أن يدعو أصدقاءه للمذاكرة في بيته استعدادا لاختبار كبير. حضر أصدقاؤه، وكان من بينهم إبراهيم، وهو أكثرهم مشاغبة. بينما كانوا يذاكرون، بدأ إبراهيم يشعر بالملل وبدأ يلعب بكتاب صالح.
حاول صالح أن يطلب منه بلطف أن يتوقف، لكنه لم يسمع له. استمر إبراهيم في اللعب بالكتاب حتى مزق بعض صفحاته عن طريق الخطأ. نظر صالح إلى كتابه الممزق بحزن، لكنه لم يقل شيئا.
ضحك إبراهيم بخفة وقال: “ما المشكلة؟ مجرد كتاب!” حاول الأصدقاء تهدئة صالح، لكنه ابتسم وقال: “مافيش مشكلة، خلينا نكمل مذاكرة.”
الـــمـــدرســـة
في اليوم التالي، دخل الجميع إلى الفصل ومعهم كتبهم، إلا إبراهيم. عندما طلب المعلم من الجميع أن يظهروا كتبهم، بدأ إبراهيم يبحث في حقيبته ثم قال بصوت خافت: “نسيت الكتاب في البيت، يا أستاذ.”
غضب المعلم وقال: “إبراهيم، هذا إهمال كبير منك! كيف تأتي إلى المدرسة دون كتاب؟ ستُعاقب الآن.”
فجأة، وقف صَالح وقال بهدوء: “يا أستاذ، إبراهيم أعطاني كتابه بالأمس عشان يذاكر، وأنا نسيت أرجعه له. ها هو الكتاب.”
تفاجأ المعلم والجميع بهذا الموقف. أخذ المعلم الكتاب وقال: “أحسنت يا صَالح، هذا تصرف نبيل منك.”
لـــحـــظـــة الاعـــتـــراف
بعد انتهاء الحصة، ذهب إبراهيم إلى صَالح وقال له بخجل: “يا صَالح، ليه عملت كده؟ أنا مزقت كتابك بالأمس، ومع ذلك ساعدتني اليوم.”
ابتسم صَالح بهدوء وقال: “يا إبراهيم، الغلط مش بيترد بالغلط. لما حد يغلط فيك، مش لازم ترد عليه بنفس الطريقة. العفو والتسامح هما اللي بيخلوا الإنسان أقوى. وبعدين إحنا أصدقاء، والصديق الحقيقي لازم يساعد صديقه حتى لو كان هو اللي غلط فيه.”
تأثر إبراهيم بكلام صَالح وشعر بالخجل من نفسه. وقال: “أنت فعلاً شخص مختلف يا صَالح. أنا اسف على اللي عملته، ووعد مني إني مش هكرر ده تاني.”
درس لـــلـــجـــمـــيـــع
تأثر أصدقاء صَالح بموقفه وكلماته الحكيمة. أدركوا أن رد الإساءة بالإساءة لا يحقق أي شيء، بل يزيد من المشاكل. قرروا أن يتغيروا ويصبحوا أفضل.
الـــفـــائـــدة
التسامح والتصرف بحكمة هما السلاح الأقوى في مواجهة الإساءة. الغلط لا يصلح بغلط آخر، بل بحسن التصرف والعفو. الإنسان الحقيقي هو من يتحلى بالرحمة ويتخذ قراراته بحكمة