في قرية صغيرة هادئة، كان يعيش صبي يُدعى علي. كان علي محبًا للخير، متفوقًا في دراسته، ويحب أن يساعد والديه في كل شيء. لكنه كان ينتظر شيئًا خاصًا طوال شهر رمضان، فقد كان يسمع دائمًا عن ليلة القدر، الليلة المباركة التي تُستجاب فيها الدعوات وتتضاعف فيها الحسنات
.أحاديث العائلة عن ليلة القدر
ذات مساء، جلس علي مع أسرته حول مائدة الإفطار، وبينما كانوا يتناولون التمر وشوربة العدس، سأل علي والدته:
“أمي، كيف يمكنني أن أعرف ليلة القدر؟”
“يا علي، ليلة القدر ليست لها علامة ثابتة، لكنها تكون ليلة هادئة، يشعر فيها المؤمن براحة وسكينة، والأهم أن يكون قلبك قريبًا من الله في هذه الليالي العشر.”
تدخل والده في الحديث قائلاً:
“أهم شيء أن تجتهد في العبادة، لا تنتظر علامة، بل انتظر الرحمة والمغفرة، فإن الله ينظر إلى قلوبنا، وليس إلى عدد الساعات التي نبقى فيها مستيقظين.”
كان أخوه الأكبر، حسن، يستمع بصمت، ثم قال وهو يضحك:
“أنا سأبقى مستيقظًا طوال الليالي العشر، حتى لا تفوتني هذه الليلة!”
ضحك الجميع، لكن علي كان يفكر بجدية في كلام والده ووالدته، وأخذ على عاتقه أن يجتهد في كل ليلة، لا أن يبحث فقط عن علامة معينة.
الاجتهاد في العبادة
في العشر الأواخر من رمضان، قرر علي أن يكون أكثر التزامًا، فبدأ يصلي التراويح في المسجد مع والده وأخيه حسن، وكان يجلس مع أصدقائه بعد الصلاة يتحدثون عن فضل هذه الليلة، وكيف يمكنهم التقرب من الله فيها.
كان صديقه المقرب، سامي، يقول بحماس:
“أمي أخبرتني أن ليلة القدر تكون ليلة جميلة، لا تكون حارة ولا باردة، وتكون السماء صافية.”
أما صديقه الآخر، عمر، فقال:
“لكن هناك حديث يقول إنها تكون ليلة وترية، أي في الليالي الفردية، ربما تكون ليلة 27 رمضان.”
استمع علي إلى كلامهم باهتمام، لكنه تذكر نصيحة والده: الأهم أن يجتهدوا في كل الليالي، وليس فقط أن يبحثوا عن ليلة معينة.
اللحظة الحاسمة
في إحدى الليالي الوترية، بعد صلاة التهجد، جلس علي في ركن المسجد يتلو القرآن، شعر براحة غريبة، وكأن قلبه ممتلئ بالنور. نظر حوله، فوجد الناس خاشعين في الصلاة، بعضهم يبكي، وبعضهم يدعو بحرارة. شعر علي أن هذه الليلة مختلفة، وكأنها لحظة خاصة بينه وبين الله.
بعد الصلاة، عاد إلى المنزل وسأل والده:
“أشعر أن هذه الليلة مميزة يا أبي، هل يمكن أن تكون ليلة القدر؟”
ابتسم والده وربّت على كتفه قائلاً:
“ربما، لكن الأهم أنك اجتهدت وتقرّبت من الله، وهذا هو المعنى الحقيقي لليلة القدر.”
النهاية: درس لن يُنسى
في الصباح، استيقظ علي وهو يشعر بسعادة كبيرة، لقد أدرك أن ليلة القدر ليست مجرد ليلة، بل هي فرصة للتغيير، فرصة ليكون الإنسان أفضل ويتقرب إلى الله أكثر.
منذ ذلك اليوم، لم يكن علي ينتظر ليلة القدر فقط، بل كان يجتهد طوال العام، يصلي، يساعد الناس، ويعمل بجد لتحقيق حلمه بأن يصبح طبيبًا ليساعد الفقراء والمحتاجين.
وهكذا، تعلم علي أن ليلة القدر ليست مجرد ليلة واحدة، بل هي رحلة إيمانية تبدأ من القلب، وتستمر طوال الحياة