قصة محمد والتعلم

                                  قصة محمد والتعلم
في إحدى القرى الصغيرة، كان هناك شاب يدعى محمد. كان طيب القلب، جميل الشكل، وذكي التفكير. منذ صغره، كان لديه شغف كبير بالمعرفة، فكان دائم البحث عن كل ما هو جديد، حيث كان يقرأ الكتب، ويستمع لكبار السن، ويسعى دائمًا لتطوير نفسه. ولكن رغم ذكائه، كان محمد يواجه مشكلة لم يستطع تجاوزها بسهولة، وهي أنه لم يكن يتقبل التعلم من أي شخص أصغر منه سنًا

محمد

الـــعـــقـــبـــة الــــكـــبـــرى

 

مرت الأيام، وبالتالي استمر مَحمد في الاحتفاظ بتلك العقلية، مما جعله يخسر الكثير من الفرص للتعلم. كان أصدقاؤه يناقشون مواضيع مختلفة، وفي أثناء ذلك عندما يأتي شخص أصغر منهم ليشارك بمعلومة مفيدة، كان محمد يسخر منه ويرفض الاستماع.

وفي أحد الأيام، كان محمد في ورشة تصليح السيارات التي يمتلكها عمه. كان يريد تعلم كيفية تصليح المحركات، ولكن كان عمه منشغلا ببعض الأعمال الأخرى، لذلك طلب من ابنه الصغير “حسن” أن يساعد محمد. حسن كان يبلغ من العمر 14 عاما فقط، ورغم ذلك كان شغوفا بالميكانيكا ويمتلك خبرة كبيرة اكتسبها من العمل مع والده.

قال حسن بحماس:
“محمد، عايز أوريك إزاي تفك الموتور بسهولة من غير ما تبهدل نفسك.”

لكن محمد رد بتهكم:
“بجد؟ يعني أنا هتعلم منك انت؟! أنا أكبر منك، إزاي تبقى فاهم أكتر مني؟”

ضحك حسن وقال:
“السن ملوش علاقة بالمعرفة، جرب تسمعني ولو كلامي غلط، مش هتكلم تاني.”

في البداية، تردد محمد قليلًا، لكنه وافق أخيرا على الاستماع. بدأ حسن يشرح له كيفية فك الموتور بطريقة سلسة، ثم بعد ذلك قام بتنفيذ الخطوات أمامه. دهش محمد من مدى إتقان حسن للعمل، وهكذا شعر بالإحراج لأنه كان يظن أن صغر سنه يعني قلة خبرته.

الـــمـــوقــــف الـــثـــانـــي

بعد أيام قليلة، كان هناك سباق للروبوتات في مدرستهم، حيث يُطلب من كل فريق تصميم وبرمجة روبوت ليكمل مسارًا محددًا في أسرع وقت ممكن. كان محمد شغوفًا بالتكنولوجيا، إلا أنه لم يكن خبيرًا في البرمجة. أثناء تحضيرات المسابقة، جاء طفل يُدعى “ياسين”، لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره، وعرض المساعدة.

قال ياسين بثقة:
“أنا أقدر أساعدكم في برمجة الروبوت بطريقة تخليه أسرع.”

ضحك محمد بسخرية:
“هو أنا هتعلم البرمجة منك انت؟!”

لكن أحد زملائه في الفريق قال:
“مَحمد، خلينا نجرب، مفيش حاجة نخسرها!”

وافق محمد على مضض، وبعد قليل بدأ ياسين يشرح لهم بعض الأكواد البسيطة التي يمكن أن تجعل الروبوت يتحرك بكفاءة أكبر. لاحقا، بعد تطبيق نصائح ياسين، تحسن أداء الروبوت بشكل ملحوظ، وعندها اندهش مَحمد من مدى فعالية التعديلات.

وفي يوم المسابقة، استطاع فريق محمد الفوز بالمركز الأول، وكان ذلك بفضل التعديلات التي اقترحها ياسين. وأثناء استلام الجائزة، التفت مَحمد إلى ياسين وقال بابتسامة:
“أنا كنت غلطان، العلم مالوش سن، وإنت فعلاً موهوب!”

الـــتـــغـــيـــر الـــكـــبـــيـــر

بعد كل هذه المواقف، بدأ مَحمد يغير طريقة تفكيره. فقد أدرك أخيرا أن الخبرة لا تعتمد فقط على العمر، بل على التجربة والمعرفة. أصبح أكثر تواضعا، وبدأ يستمع للجميع، سواء كانوا أصغر أو أكبر منه.

وفي أحد الأيام، قابل مَحمد طفلًا صغيرًا في المكتبة كان يقرأ كتابا عن الفضاء. اقترب منه وسأله:
“إنت بتقرا عن إيه؟”

رد الطفل بحماس:
“عن الثقوب السوداء وكيف بتأثر على الكون!”

ابتسم محمد وقال:
“ممكن تعلمني؟ أنا حابب أفهم أكتر عن الموضوع.”

ضحك الطفل وقال:
“طبعا! العلم لازم يتشارك بين الكل!”

الخاتمة: الدرس المستفاد

في النهاية، أدرك مَحمد أن “العلم لا يعرف عمرا، وأن الحكمة قد تأتي من أي شخص، بغض النظر عن سنه.”
وهكذا، ومنذ ذلك اليوم، صار مثالًا يُحتذى به في التواضع وحب المعرفة، وأصبح ينقل تجربته للآخرين، مؤكدا أن “التعلم لا يتعلق بالسن، بل بالرغبة والاستعداد لاستقبال المعرفة من أي مصدر