قصص حيوانات الغابة:قصة الببغاء الذي لا يكرر الكلام
في غابة استوائية مليئة بالأشجار العالية والزهور الزاهية، عاشت مجموعة من الببغاوات التي كانت تشتهر بقدرتها على تقليد الأصوات والكلمات التي تسمعها من البشر والحيوانات الأخرى.
كل الببغاوات كانت تفخر بهذه المهارة، ما عدا ببغاء واحد يُدعى “زين”. كان زين مختلفًا، فلم يكن يحب تكرار ما يسمعه، بل كان يفضّل أن يتحدث بأفكاره الخاصة.
في كل مرة كان زين يستمع إلى بقية الببغاوات تردد كلمات البشر مثل: “مرحبًا!” و“كيف حالك؟”، كان يظل صامتًا أو يقول شيئًا مختلفًا تمامًا. كان يؤمن أن لكل كائن صوته الخاص وأفكاره الفريدة، فلماذا يكرر ما يقوله الآخرون؟
لكن الببغاوات الأخرى لم تفهمه، وبدأت تسخر منه قائلة:
“ما فائدة ببغاء لا يردد الكلام؟”
“لن يعجب بك البشر، ولن تصبح مشهورًا مثلنا!”
شعر زين بالحزن، لكنه لم يتراجع عن قراره.
قرر زين أن يذهب في رحلة ليكتشف لماذا يشعر بهذه الرغبة في التحدث بصوته الخاص. طار بعيدًا حتى وصل إلى بحيرة هادئة، حيث التقى بالبومة الحكيمة “لينا”.
سألها زين بحزن:
“لماذا لا أريد تكرار كلام الآخرين مثل باقي الببغاوات؟ هل هناك خطأ فيّ؟”
ابتسمت البومة وقالت:
“على العكس يا زين، هذا يعني أنك فريد. لكل مخلوق في الغابة صوته الخاص، وأنت اخترت أن تعبّر عن نفسك بأسلوبك الخاص. هذا ليس ضعفًا، بل قوة!”
في يوم من الأيام، جاء صياد إلى الغابة يحمل قفصًا كبيرًا. كان يريد اصطياد ببغاء ناطق ليبيعه، لكنه لم يكن يعرف أن الببغاوات تكرر كل شيء.
اقترب الصياد وبدأ يقول بصوت مرتفع:
“أين أنا؟ أين أنا؟”
بدأت الببغاوات تردد وراءه:
“أين أنا؟ أين أنا؟”
ضحك الصياد وقال:
“رائع! سأخذ واحدة منكم إلى المدينة.”
لكن زين لم يكن يكرر مثلهم. وبدلًا من ذلك، صرخ بصوت عالٍ:
“هناك خطر! اهربوا!”
فهمت الببغاوات أنه يجب عليها الفرار، فطارت سريعًا قبل أن يتمكن الصياد من الإمساك بأي منها.
بعد هذه الحادثة، أدركت الببغاوات أن زين لم يكن غريبًا، بل كان ذكيًا ومختلفًا بطريقة إيجابية. ومنذ ذلك اليوم، بدأ الجميع يحترم طريقته في التفكير، وأصبحوا يتعلمون منه كيف يكون لكل واحد منهم صوته الفريد.
أما زين، فقد أدرك أن كونه مختلفًا هو ما يجعله مميزًا حقًا!
الدرس المستفاد من القصة
في النهاية، من الواضح تمامًا أن التعبير عن الأفكار الخاصة له قيمة أكبر بكثير من مجرد التقليد الأعمى. فبينما كان جميع الببغاوات يرددون بلا تفكير ما يسمعونه، كان زين يسعى لأن يكون مختلفًا، مما جعله أكثر وعيًا وقدرةً على التعامل مع المواقف الصعبة. وبالتالي، فإن الاعتماد على التفكير المستقل يمنح الإنسان، تمامًا كما منح زين، الفرصة لاتخاذ قرارات صائبة بدلاً من السير وراء الآخرين دون تفكير.
علاوة على ذلك، لا يمكن إنكار أن التفكير المستقل يمكن أن ينقذ من المواقف الصعبة. فلو أن زين كرر كلمات الصياد مثل باقي الببغاوات، لكان وقع في الفخ بسهولة. ولكن، بفضل تفكيره المختلف، تمكن من تحذير أصدقائه وإنقاذهم من الخطر. إذن، بدلاً من تقليد الآخرين بلا وعي، من الأفضل أن يستخدم الشخص عقله ويبحث عن الحلول بنفسه، لأن ذلك قد يكون الفارق بين النجاح والفشل أو حتى بين الوقوع في مأزق والنجاة منه.
وأخيرًا، لا بد من الإشارة إلى أن الاختلاف ليس عيبًا، بل هو ما يجعل كل شخص مميزًا. فعلى الرغم من أن زين كان يشعر في البداية بأنه غريب وغير مقبول وسط الببغاوات، إلا أنه بمرور الوقت أدرك أن ما يجعله مختلفًا هو في الواقع مصدر قوته. فلو كان مثل الآخرين، لما استطاع مساعدة الببغاوات، ولما تعلم الجميع منه قيمة التفكير المستقل. لذلك، بدلاً من الخوف من الاختلاف، ينبغي للإنسان أن يفخر بتميزه ويستخدمه لصالحه، لأن لكل شخص بصمته الفريدة في هذا العالم.