قصة القرود للأطفال : حكاية غابة الضجيج والجذور.
التسجيل في مبادرة براعم مصر الرقمية

البداية: غابة لا تشبه غيرها
في أحد أركان الأرض، بعيدًا عن ضوضاء المدن وازدحام البشر، امتدت غابة واسعة، مليئة بالحياة والحكايات. نمت فيها الأشجار منذ قرون، ثابتةً في مكانها، ترسّخ جذورها في الأرض، وتقدّم للغابة ظلًا، وثمرًا، وأمانًا.
لكن في المقابل، عاشت في أعالي تلك الأشجار جماعة من القرود. كانت القرود كثيرة العدد، سريعة الحركة، لا تستقر في مكان، ولا تنشغل بشيء غير القفز، واللعب، والضجيج.
كل صباح، تستيقظ الغابة على أصوات صراخهم، وضحكهم، ورميهم للثمار يمينًا ويسارًا. ومع مرور الأيام، بدأ الضجيج يتحوّل إلى فوضى.
فوضى لا تتوقف
قلبت القرود الأغصان، كسّرت الأعشاش، وأفزعت الطيور الصغيرة من أعالي الأشجار. لم تزرع شجرة، ولم تسقي وردة، لكنها انشغلت بالصراخ واللعب، وكأن الغابة خُلقت لأجل عبثها.
حذّرهم البوم من العواقب. قال بصوت عميق: “من لا يزرع لا يحصد… ومن لا يثبت، يسقط.”
ضحكت القرود، وقفزت من غصن إلى غصن، غير عابئة بالكلمات.
حاولت السناجب تنظيف آثار التخريب، لكن الأذى كان أسرع من قدرتها على الترميم. حاولت الطيور إعادة بناء أعشاشها، لكن كل غصن تعبت في جمعه، كانت القرود تسرقه في لحظة عبث.
الشجرة التي لم تسقط
في قلب الغابة، وقفت شجرة قديمة، كبيرة الحجم، كثيرة الثمر. لم تصرخ، لم تتحرك، لكنها كانت تمدّ الأرض بالغذاء، وتمنح الحيوانات مأوى، وتظلل الأعشاب من حرارة الشمس.
قصص جدتي : قصة أول يوم صيام
لاحظ الجميع أن تحت هذه الشجرة تحديدًا، كان الجو أكثر هدوءًا، والمكان أكثر نظافة. لم تقترب القرود منها كثيرًا، لأن أغصانها كانت عالية، وجذعها صلب، وثمارها لا تسقط بسهولة.
قال الغراب يومًا: “هذه الشجرة تعرف مكانها. لا تصرخ، لا تتحرك، لكنها تصنع الحياة.”
الأزمة الكبيرة
في أحد الأيام، هبّت على الغابة عاصفة قوية. اجتاحت الرياح أعالي الأشجار، وهزّت الأغصان بقوة. ارتعبت الحيوانات، وركض الجميع يبحث عن مأوى. صرخت القرود، وتخبّطت في الفروع، وسقط بعضها من أعلى، لأنها لم تجد جذعًا تمسك به.
في المقابل، تمسّكت الأشجار بأرضها. جذورها العميقة ثبّتها رغم الريح، وأوراقها الكثيفة صدّت بعض المطر. الشجرة الكبيرة في قلب الغابة كانت أول من احتضن الخائفين. احتمت تحتها السناجب، واستندت إليها الغزلان، وجلس في ظلها الطيور، وحتى بعض القرود.
بعد العاصفة
عندما انتهت العاصفة، تغيّر المشهد. سقطت أغصان كثيرة، وتناثر الثمر، وتحطّمت بعض الأعشاش. لكن الأشجار ظلّت واقفة. الأرض عرفت من حافظ عليها، ومن كان عبئًا عليها.
قصة الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين
بدأت الحيوانات تدرك الفرق. قال القنفذ: “الصوت لا يبني، والجذر هو الذي يُثمر.”
هزّ الببغاء رأسه وقال: “القرود قفزت كثيرًا، لكنها لم تزرع شجرة واحدة.”
قرار الغابة
اجتمعت الحيوانات، وقررت أن تعيد ترتيب حياتها. خصصت وقتًا للعب، ووقتًا للزراعة. طلبت من القرود أن تزرع شجرة بدلًا من كسرها، وأن تعلّم صغارها قيمة الجذر، وليس فقط متعة القفز.
تردّدت القرود في البداية، لكنها وافقت. بدأت تساعد السناجب في جمع الثمر، وساعدت الطيور في بناء الأعشاش. شيئًا فشيئًا، قلّت الفوضى، وزاد التعاون.
النهاية والعبرة
ومع مرور الوقت، صارت الغابة أكثر هدوءًا، وأكثر خضرة. لم تختفِ القرود، لكنها فهمت أنها جزء من الغابة، وليست كل الغابة.
لأن الصوت العالي قد يُسمع، لكنه لا يُثمر.
والقفز يُبهر، لكنه لا يزرع.
وفي النهاية… الأرض لا تعترف إلا بالأشجار. 🌳