حدوتة جدتي : حدوتة رقي الختام
المشهد الأول: التجمع العائلي
في إحدى الأمسيات الهادئة، اجتمعت العائلة في بيت الجدة كعادتها نهاية كل أسبوع. كانت الأصوات تتعالى بالضحك، والأحاديث تتنقل بين الذكريات والمواقف الطريفة. وبينما كانت الجدة تراقب الجميع بعينيها المليئتين بالحنان، التفتت فجأة إلى أحد أركان الجلسة، حيث كان حفيدها “آدم” يتحدث بحماس إلى أبناء خاله وخالته.
المشهد الثاني: بداية الذم
بدأ “آدم” يحكي عن صديقه السابق “كريم”، الذي انقطعت علاقته به منذ فترة. ومع مرور اللحظات، تحولت الحكاية إلى سردٍ للأخطاء، ثم انتقلت إلى كشفٍ للأسرار، وانتهت بذمٍّ واضح يحمل في طيّاته شيئًا من الغضب وربما الانتقام.
وبينما كان الجميع يستمع في صمت، لاحظت الجدة تغير ملامح بعض أفراد العائلة، إذ بدأت الأحاديث تفقد طابعها الهادئ. وهنا، قررت الجدة أن تتدخل، ولكن بحكمة وهدوء.
المشهد الثالث: تدخل الجدة
قالت الجدة بصوتها العميق الواثق:
“آدم، هل تسمح لي أن أقول شيئًا؟”
فأجاب باحترام: “بالطبع يا جدتي.”
قالت: “أعلم أن الخلافات أمر وارد بين البشر، بل إنها أحيانًا تكون ضرورية لتتضح لنا بعض الحقائق. لكن، بالرغم من ذلك، هناك قيم لا يجب أن نتخلى عنها مهما حدث.”
ثم أكملت بعد لحظة من الصمت:
“صديقك الذي تتحدث عنه الآن، كان يومًا قريبًا منك. وبالتالي، كان بينكما أسرار، وضحك، ووقوف في الشدائد. فحتى لو انقطعت العلاقة، يبقى الستر والاحترام واجبين. لأن ببساطة، الإنسان لا يُقاس فقط بكيفية تعامله أثناء الصداقة، بل أيضًا بكيفية خروجه منها.”
المشهد الرابع: لحظة الصمت والتأمل
سادت لحظة صمت، شعر فيها “آدم” أن كلمات جدته لم تكن مجرد عتاب، بل درسًا عميقًا في الأخلاق والكرامة.
ثم قالت الجدة:
“يا بني، لا تجعل الخلاف يُفقدك رُقيّك. بدلًا من أن تكون ممن يسيئون بعد الفراق، كن ممن يختار الصمت احترامًا لما مضى.”
ثم ابتسمت وأضافت:
“في النهاية، العلاقات قد تنتهي، ولكن الأخلاق لا تنتهي أبدًا.”
المشهد الخامس: الاعتذار والنضج
توجه “آدم” إلى أفراد العائلة قائلاً:
“أعتذر إن كنت قد تجاوزت، جدتي محقة. لقد سمحت للغضب أن يوجه كلماتي، ولكن من الآن فصاعدًا، سأختار الصمت على التشهير، والاحترام على الانتقام.”
ابتسمت الجدة، وربتت على يده بلطف، وعاد الجو في الغرفة إلى هدوئه المعتاد، ولكن هذه المرة، كان يحمل معنى أعمق… معنى الرُقيّ في الخسارة
ماذا تعلمنا من حدوتة رقي الختام؟
أولًا، تعلمنا أن نهاية العلاقات، ومهما كانت مؤلمة، لا تبرر الإساءة أو فضح الأسرار.
ثانيًا، تعلمنا أن الرُقيّ الأخلاقي يظهر بوضوح بعد الخلاف، لا خلاله فقط.
وبالإضافة إلى ذلك، أدركنا أن احترام الماضي، حتى وإن لم يستمر في الحاضر، هو سمة من سمات النُبل.
وأخيرًا، تعلمنا أن الكلمات التي نقولها عن الآخرين في الواقع تكشف عنا أكثر مما تكشف عنهم.