رحلة أمي من الظل إلى النور: قصة إصرار وتعلم

رحلة أمي من الظل إلى النور: قصة إصرار وتعلم

المشهد الأول: البداية الخجولة

في كل مرة كانت تُطلب من أمي إنها تمضي على ورقة أو تقرأ لافتة في الشارع، كانت بتتحجج بأي حاجة. مرة تقول نسيت النضارة، ومرة تضحك وتقول “ده خطك مش حلو”.
لكن الحقيقة؟ إنها ما كانتش بتعرف تقرا ولا تكتب.
وبرغم كده، عمرها ما خلت ده يقلل من نفسها.
ومع ذلك، كان جواها حلم صغير… إنها يومًا ما تبص في ورقة وتفهمها.


المشهد الثاني: لحظة القرار

في يوم، وأنا بقرأ قصة لأخواتي الصغيرين قبل النوم، شفت نظرة في عينيها مش قادرة أنساها.
نظرة فيها شوق… فيها غيرة بريئة… وفيها قرار.

ومن هنا، بدأت أول خطوة.
قررت أمي إنها تتحدى نفسها، وراحت مركز محو أمية قريب من البيت.
رغم إن كان عمرها كبير نسبيًا، لكنها قالت: “مفيش حاجة اسمها فات الوقت”.


المشهد الثالث: الصعوبات الأولى

أكيد البداية ما كانتش سهلة.
في أول حصة، اتكسفت أمي ترفع إيدها تسأل عن حاجة مش فاهمها.
لكن، مع الوقت، ومع كل تشجيع بسيط من المدرّسة، بقت أجرأ.
كانت ترجع البيت تحكيلي بحماس عن كل حرف جديد اتعلمته.
وفجأة، بقى عندها كشكول وقلم، وتكتب اسمها لأول مرة.


المشهد الرابع: لحظة الإنجاز

مرت شهور، وبدأت أمي تمسك جريدة وتفهم عنوان.
بدأت تقرأ لافتة في الشارع من غير ما تسأل.
لكن الحدث اللي هزنا كلنا، كان لما قعدت معانا ليلة، وقالت: “النهاردة أنا اللي هقرأ القصة”.
قعدنا حواليها، وهي مسكة كتاب أطفال بصوت ثابت… تقرا قصة قبل النوم.
وفي اللحظة دي، كلنا بكينا. من الفرح، ومن الفخر.


المشهد الخامس: الرسالة الأهم

دلوقتي، بقت أمي تقرا رسائل التليفون، وتكتب ملاحظاتها في أجندة صغيرة.
بينما الناس ممكن تشوف ده بسيط، إحنا شايفينه نصر كبير.
لأن كل حرف أمي اتعلمته، هو حرف انتصر على الخوف، والكسوف، والسن.

في النهاية، القصة دي مش بس عن التعليم، لكن عن الإرادة.
مفيش سن للتعلم، ومفيش حاجة اسمها “فات الأوان”.
بالعزيمة، كل شيء ممكن.