قصة المرآة التي لا تعكس الصور

قصص وحكايات للأطفال:قصة المرآة التي لا تعكس الصور

في قرية صغيرة، حيث تنتشر الحكايات الغامضة بين الأزقة الضيقة، كان هناك طفل يُدعى ياسين، فضوليًا بطبيعته ويحب استكشاف كل شيء جديد. في أحد الأيام، بينما كان يلعب في بيت جده القديم، اكتشف غرفة لم يسبق له أن رآها من قبل. كانت مليئة بالكتب القديمة والصناديق المغلقة، لكن أكثر ما لفت انتباهه هو مرآة كبيرة مغبرة في زاوية الغرفة.

اقترب ياسين منها ونفض الغبار بيده الصغيرة، لكنه فوجئ بشيء غريب… المرآة لم تعكس صورته! وقف أمامها، حرّك يديه، قفز، ابتسم، عبس… لكنها لم تظهر انعكاسه أبدًا. في البداية، شعر بالخوف، لكنه سرعان ما لاحظ أن شيئًا آخر يحدث. بدلاً من انعكاس صورته، بدأت تظهر ألوان وأشكال غريبة داخل الزجاج.

في اللحظة التي كان يشعر فيها بالسعادة، رأى ألوانًا زاهية كالأزرق والأخضر تتراقص داخل المرآة، لكن عندما تذكر موقفًا جعله يغضب من صديقه، تحولت الألوان إلى الأحمر الداكن والأسود. حاول ياسين فهم الأمر، فذهب إلى جده وسأله عن المرآة. ابتسم الجد وقال:

“هذه ليست مرآة عادية، إنها تعكس ما بداخلك، وليس شكلك.”

تعجب ياسين من كلام جده، لكنه قرر اختبار المرآة بنفسه. في اليوم التالي، كان يشعر بالضيق لأنه كذب على والدته بشأن دراسته، فذهب إلى المرآة ونظر إليها، فوجدها مظلمة تمامًا! عندها أدرك أن هذه المرآة تكشف مشاعره الحقيقية، حتى تلك التي حاول إخفاءها عن الجميع.

بدأ ياسين يلاحظ كيف تؤثر أفعاله على صورته في المرآة. عندما كان يساعد أخته الصغيرة أو يتعامل بلطف مع أصدقائه، كانت المرآة تضيء بألوان جميلة، لكن عندما كان يغش في دراسته أو يغضب بلا سبب، كانت تغرق في ظلام حالك.

مع مرور الأيام، بدأ ياسين يغير تصرفاته، ليس فقط ليجعل المرآة تعكس ألوانًا مشرقة، ولكن لأنه أدرك أن الصدق مع نفسه هو المفتاح الحقيقي للشعور بالسعادة. ذات يوم، قرر مواجهة والدته والاعتراف بأنه لم يكن صادقًا بشأن دراسته، فتفاجأ بأنها لم تغضب منه، بل احتضنته وقالت له:

“الصدق هو أول خطوة نحو النجاح يا ياسين، وأنا فخورة بك لأنك واجهت الحقيقة.”

عندما عاد إلى المرآة بعد هذا الموقف، رأى انعكاسًا ذهبيًا مشرقًا، وكأنه الشمس تضيء بداخله. عندها، ابتسم وعرف أن المرآة ليست سحرية كما كان يظن، بل كانت مجرد وسيلة تساعده على رؤية ما بداخله بوضوح.

ومنذ ذلك اليوم، أصبح ياسين لا يحتاج إلى المرآة ليعرف حقيقة مشاعره، لأنه تعلم كيف يكون صادقًا مع نفسه دائمًا.