قصص وحكايات للأطفال:قصة “سارة ونوبة البكاء”
في مدينة صغيرة هادئة، كانت تعيش الطفلة سارة، فتاة في الخامسة من عمرها، مع والدها ووالدتها في بيتٍ دافئ مليء بالحب. كانت سارة ذكية، مرحة، تحب الرسم والقصص، وتملك خيالًا واسعًا. ومع ذلك، كانت هناك عادة واحدة تزعج أسرتها وتضعهم في مواقف محرجة باستمرار.
كلما أرادت سارة شيئًا، سواء لعبة جديدة، أو الخروج إلى الحديقة، أو حتى نوعًا معينًا من الطعام، لم تكن تطلبه بهدوء، بل كانت تبدأ فورًا في البكاء والصراخ، معتقدة أن هذا هو الحل السريع للحصول على ما تريد.
في أحد الأيام، وبينما كانت في منزل جدتها، قدّمت لها الجدة طبقًا من الخضروات. فما كان من سارة إلا أن بدأت تبكي وتصرخ قائلة:
“لا أريد هذا الطعام! أريد فقط بطاطس مقلية!”
حاولت الجدة تهدئتها، وأحضرت لها ما طلبت، لكنها قالت لوالدتها لاحقًا:
“سارة تحتاج أن تتعلّم أن تبكي أقل وتطلب أكثر بلطف.”
بعد يومين، قررت الأسرة الخروج إلى الحديقة. وبينما كانوا يلعبون، رأت سارة طفلة تركب دراجة جميلة وقالت:
“أريد دراجة مثلها الآن!”
فردت الأم بابتسامة:
“سنفكر بشرائها في عيد ميلادك القريب.”
لكن سارة لم تنتظر. جلست على الأرض وبدأت تبكي بشدة، حتى نظر الجميع إليها باستغراب.
والدها اقترب منها وقال بهدوء:
“البكاء لا يساعد يا سارة، لماذا لا تطلبين بهدوء؟”
لكنها لم تستمع. وفي النهاية، عادت الأسرة للمنزل لأن اليوم الجميل تحوّل إلى مشهد من البكاء والمشاحنات.
بعد أسبوع، ذهبت سارة مع والدتها إلى المركز التجاري لشراء بعض الأغراض. وبينما كانت تتجول في قسم الألعاب، لمحت دمية كبيرة تُغني وتتحرك. فصرخت فورًا:
“أريدها الآن! الآن!”
قالت الأم:
“يا سارة، لا نملك اليوم ميزانية لهذه اللعبة.”
لكن سارة بدأت تبكي بشدة وتدفع العربة، بل حتى رقدت على الأرض وسط الناس.
أمام هذا الموقف، اضطرت الأم إلى شراء اللعبة لإنهاء الإحراج.
في البداية، شعرت سارة بسعادة لا توصف. لكنها عندما عادت إلى المنزل، اكتشفت أن اللعبة لا تغني كما توقعت، والبطارية نفدت بسرعة، كما أن الدمية كانت ثقيلة ولا يمكن حملها بسهولة.
قالت بحزن:
“ليست ممتعة كما تخيلت…”
ردّت الأم بابتسامة حزينة:
“لأنك طلبتها بالبكاء، ولم تفكّري هل تناسبك فعلًا أم لا.”
في اليوم التالي، كانت سارة تريد مشاهدة فيلم كرتوني قبل النوم، لكنها فكرت قليلًا ثم قالت بهدوء:
“ماما، هل يمكنني مشاهدة فيلم صغير قبل النوم، لو سمحتِ؟”
الأم نظرت إليها بدهشة ثم قالت بسرور:
“طبعًا! لأنك طلبتِ بطريقة جميلة ومحترمة.”
وشجعتها قائلة:
“كلما كنتِ هادئة، كنتِ أجمل وأقرب إلى القلب.”
منذ ذلك اليوم، تغيّرت سارة تدريجيًا. لم يكن التغيير سريعًا، لكنها أصبحت أكثر وعيًا. فبدلًا من البكاء، بدأت تُعبّر عن رغباتها بالكلام، وتستمع إلى ملاحظات والديها.
عندما طلبت مرة الخروج إلى الحديقة، قالت بهدوء:
“إذا لم يكن لديكم مانع، أريد اللعب قليلًا في الخارج.”
وبالفعل، خرجوا جميعًا، وقضوا وقتًا سعيدًا دون أي صراخ أو دموع.