حدوتة قبل النوم:قصة سر الصدقة الخفية
كان “عمر” طفلًا فضوليًا يحب اكتشاف الأشياء الغامضة من حوله. ذات ليلة، وهو يستعد للنوم، لاحظ أن والده يخرج من المنزل حاملًا صندوقًا صغيرًا، ويضعه أمام الباب بهدوء قبل أن يعود إلى الداخل دون أن يتحدث عن الأمر.
في البداية، لم يهتم عمر كثيرًا، لكنه لاحظ أن والده يكرر هذا الفعل كل ليلة تقريبًا.
مرت الأيام، وبدأ الفضول يسيطر على عقل عمر، فقرر أن يراقب الأمر عن كثب. وفي إحدى الليالي، تسلل إلى باب المنزل وانتظر حتى خرج والده ووضع الصندوق. بعد أن عاد الأب إلى الداخل، اقترب عمر ببطء وفتح الصندوق بحذر. كانت المفاجأة! وجد داخله أكياس طعام وعبوات ماء وبعض الفواكه الطازجة.
ماذا يفعل والدي؟
لم يستطع عمر النوم تلك الليلة، ظل يتساءل: لمن هذا الطعام؟ ولماذا يضعه والده أمام الباب بهذه الطريقة؟ هل هناك من يأخذه؟ قرر أن يراقب الصندوق في الليلة التالية ليرى من يأتي لأخذه.
في منتصف الليل، سمع عمر صوت خطوات خفيفة تقترب من الباب. نظر من نافذته فرأى رجلًا مسنًا يبدو عليه التعب والفقر، يقترب من الصندوق، ينظر حوله بحذر، ثم يأخذ الطعام ويختفي في الظلام. صُدم عمر من المشهد، لكنه شعر بسعادة غامرة، فقد أدرك أن والده يساعد هذا الرجل المحتاج دون أن يطلب شكرًا أو تقديرًا.
معنى الصدقة الحقيقية
في الصباح، لم يستطع عمر كتمان فضوله أكثر، فاقترب من والده وقال:
– “أبي، لماذا تضع الطعام أمام الباب كل ليلة؟ ولماذا لا تعطيه للرجل المسن مباشرة؟”
ابتسم الأب وربّت على كتف عمر وقال:
– “يا بني، الصدقة الحقيقية هي التي نقدمها في الخفاء، دون أن نشعر من نساعده بالإحراج أو الحاجة إلى الشكر. الله يحب العطاء الخفي، لأنه نابع من القلب، وليس من أجل المدح أو الثناء.”
شعر عمر بالفخر والاعتزاز بوالده، وأدرك أن مساعدة الآخرين لا تحتاج إلى مقابل أو شهرة، بل يكفي أن يشعر الإنسان بالسعادة لأنه قدّم الخير. ومنذ ذلك اليوم، بدأ عمر يشارك والده في تجهيز الصندوق كل ليلة، لكنه تعلم درسًا مهمًا: العطاء الحقيقي هو الذي يكون خالصًا لله، دون انتظار كلمة “شكرًا”.
أثر الصدقة في حياة الإنسان
مرت الأيام، وكبر عمر وهو يحمل هذا الدرس في قلبه. أصبح يساعد الفقراء بطرق مختلفة، سواء بإطعامهم، أو بالتبرع بملابسه القديمة، أو حتى بابتسامة صادقة تعطيهم الأمل. تعلم أن العطاء لا يقتصر على المال، بل يمكن أن يكون بالكلمة الطيبة أو بالمساعدة البسيطة.
وهكذا، أدرك عمر أن الصدقة الخفية ليست مجرد مساعدة للآخرين، بل هي طريق للبركة والسعادة في الحياة. فكلما أعطينا، زاد الخير في حياتنا، لأن العطاء بدون مقابل هو أعظم أشكال الإنسانية.