في أحد الأيام، عاد سيف من المدرسة متعبًا، وألقى بحقيبته على الأرض، ثم رمى حذاءه في زاوية الغرفة. جلس على السرير وأخذ يلعب بهاتفه المحمول، غير مكترث بالفوضى التي تحيط به. كانت الكتب متناثرة على الطاولة، والألعاب مكدسة في كل مكان، وملابسه ملقاة على الكرسي.
عندما دخلت والدته الغرفة، نظرت إلى المشهد بفزع، ثم قالت بصوت غاضب:
“سيف! كم مرة قلت لك أن ترتب غرفتك؟ هذا المكان غير منظم تمامًا!”
سيف، الذي كان مستغرقًا في لعبته، تجاهل كلماتها. ولكن عندما رفعت صوتها أكثر، شعر بالضيق وقال:
“لماذا تصرخين دائمًا؟ إنها مجرد غرفة، وسأرتبها لاحقًا!”
ازداد غضب الأم عندما رأت أن سيف لا يبالي، فقالت له بحزم:
“لن تخرج للعب مع أصدقائك حتى تنظف غرفتك بالكامل!”
غضب سيف بشدة وصرخ:
“أنت لا تحبيني! دائمًا ما تصرخين في وجهي!” ثم خرج من الغرفة غاضبًا وذهب إلى جده الذي كان يجلس في الحديقة.
لاحظ الجد أن سيف كان غاضبًا وحزينًا، فاقترب منه وسأله بلطف:
“ما بك يا سيف؟ تبدو غير سعيد اليوم.”
أجاب سيف بتذمر:
“أمي غاضبة مني لمجرد أنني لم أرتب غرفتي! هي لا تحبني، فقط تصرخ طوال الوقت!”
ابتسم الجد بحنان، ووضع يده على كتف سيف، ثم قال:
“هل تعتقد أن والدتك لا تحبك لأنها طلبت منك ترتيب غرفتك؟”
هز سيف رأسه وقال:
“نعم، فهي دائمًا ما تصرخ عندما تفعل شيئًا لا يعجبها.”
ضحك الجد بهدوء، ثم قال:
“سأخبرك بشيء مهم يا سيف. الحب لا يعني أن نكون سعداء طوال الوقت. أحيانًا، عندما نحب شخصًا ما، نريده أن يكون أفضل، ولهذا قد نغضب إذا رأينا أنه لا يقوم بشيء مفيد له.”
فكر سيف قليلًا فيما قاله جده، ثم سأله:
“ولكن لماذا تهتم أمي كل هذا الاهتمام بترتيب غرفتي؟ إنها غرفتي أنا!”
أجابه الجد:
“الغرفة المنظمة تساعدك على التركيز، كما أن العيش في بيئة مرتبة يجعلك أكثر راحة وسعادة. والدتك لا تغضب منك لأنها لا تحبك، بل لأنها تريدك أن تكون طفلًا مسؤولًا ومرتبًا.”
فهم سيف أن والدته لم تكن تقصد أن تزعجه، بل كانت تريد تعليمه درسًا مهمًا عن المسؤولية.
اعتذار سيف ودهشة والدته
عاد سيف إلى غرفته، ونظر إلى الفوضى من حوله، ثم قرر أن ينظم كل شيء. بدأ بجمع ألعابه في الصندوق، ثم رتب كتبه على الرف، ووضع ملابسه في الخزانة. عندما انتهى، شعر بالسعادة لرؤية غرفته نظيفة ومرتبة.
نادت والدته من المطبخ:
“سيف، حان وقت الغداء!”
عندما دخلت الغرفة، تفاجأت بالنظام وقالت بدهشة:
“واو! هل قمت بترتيب غرفتك بنفسك؟”
ابتسم سيف وقال:
“نعم، وأنا آسف لأنني غضبت منك. لقد فهمت أنك تريدين الأفضل لي.”
عانقته أمه بحب، وقالت:
“أنا دائمًا أحبك، حتى عندما أغضب. وأنا فخورة بك لأنك أدركت أهمية الترتيب والمسؤولية.”
العبرة من القصة
تعلم سيف أن غضب والدته لم يكن يعني أنها لا تحبه، بل كان بسبب اهتمامها به. كما أدرك أن الترتيب ليس مجرد عمل روتيني، بل عادة تساعده على الشعور بالراحة والنظام في حياته. ومنذ ذلك اليوم، أصبح أكثر حرصًا على ترتيب غرفته دون أن يطلب منه أحد ذلك.