قصة عن الأدب الجم : احمد المؤدب والفصل المشاغب.

التسجيل في مبادرة براعم مصر الرقمية
بداية الحكاية: أحمد الطالب المثالي
كان أحمد طالبًا في الصف الخامس الابتدائي، معروفًا بأدبه الجم واحترامه الكبير للمعلمين وزملائه. لم يكن أحمد يرفع صوته على أحد، وكان دائمًا ما يبدأ كلامه بكلمات مثل “من فضلك” و”شكرًا”. كان يُسارع لفتح الباب لأي شخص يدخل الصف، ويُرتب مقاعد الصف كل صباح قبل وصول بقية الطلاب.
لكن على الرغم من أخلاق أحمد العالية، لم يكن يحظى بالتقدير الذي يستحقه. بينما كان بعض زملائه يُثيرون الفوضى ويُحاولون لفت الأنظار بأساليب غير محترمة، كان أحمد يجلس بهدوء في زاويته، منتظرًا أن يُطلَب منه الحديث.
الفصل الفوضوي
في يوم من الأيام، دخلت المعلمة هدى الفصل وألقت تحية الصباح. كعادته، وقف أحمد بكل احترام ورد التحية بصوت واضح. لكن زملاءه، بدلاً من الرد بأدب، انشغلوا بالحديث بصوت عالٍ وإلقاء النكات. حاولت المعلمة تهدئة الوضع، لكنها وجدت صعوبة في السيطرة على الفصل.
كان أحمد يُراقب المشهد بصمت. شعر بالحزن لأنه لم يستطع فهم لماذا يُفضّل البعض التصرف بطريقة فوضوية بدلاً من أن يتحلوا بالأدب. لكنه لم يقل شيئًا.
أحمد والتهميش
مع مرور الوقت، لاحظ أحمد أن زملاءه الذين يُثيرون الفوضى يحصلون على الانتباه، حتى عندما يكون ذلك انتباهًا سلبيًا. أما هو، فرغم اجتهاده وتفانيه في الدراسة واحترامه، كان يبدو غير مرئي.
في إحدى الحصص، طلبت المعلمة من الجميع اقتراح أفكار لنشاط مدرسي. رفع أحمد يده بحماس ليُقدم فكرة رائعة عن تنظيم معرض للكتب لتشجيع القراءة. لكن قبل أن تتاح له الفرصة للحديث، قاطعه زميله عماد بصوت عالٍ وألقى فكرة سطحية عن إقامة مباراة كرة قدم. ضحك الجميع، بما فيهم المعلمة، التي قررت تنفيذ فكرة عماد دون أن تُعطي أحمد الفرصة للتحدث.
اللحظة الفاصلة
ذات يوم، طلبت المدرسة من الطلاب إعداد مشروع جماعي عن “القيم الأخلاقية”. قررت المعلمة تقسيم الفصل إلى مجموعات صغيرة، ووضعت أحمد مع أكثر الطلاب إزعاجًا، مثل عماد وسامي. شعر أحمد بالإحباط، لكنه قرر أن يُظهر قيمه العالية من خلال التعاون مع زملائه، رغم صعوبة الموقف.
بدأ أحمد في العمل على المشروع بإخلاص. جمع المعلومات، وأعدَّ عرضًا مميزًا، وصمم ملصقات جذابة. لكن عندما حان يوم العرض، قرر عماد أن يتولى الحديث باسم المجموعة. تحدث بصوت عالٍ وواثق، لكنه لم يذكر أي جهد قام به أحمد. على الرغم من أن العرض نال إعجاب الجميع، لم يُذكر اسم أحمد على الإطلاق.
النقطة الحاسمة: صوت أحمد يرتفع
بعد انتهاء العرض، قررت المديرة التحدث مع كل مجموعة لتقييم جهودها. عندما جاء دور مجموعة أحمد، لاحظت المديرة أن العرض مُتقن جدًا بالنسبة للمجموعة التي تضم طلابًا غير مجتهدين. سألت المديرة عن تفاصيل العمل، وهنا شعر أحمد أن الوقت قد حان للحديث.
قال أحمد بصوت واضح: “أنا قمت بجمع المعلومات وإعداد العرض والتصاميم، ولكن زملائي قدموا العرض بدوني.”
تفاجأت المديرة من شجاعة أحمد. قالت: “لماذا لم تتحدث من البداية يا أحمد؟” رد أحمد بهدوء: “لأنني كنت أظن أن الأدب وحده يكفي ليُلاحظ الآخرون جهودي.”
النهاية: درس للجميع
قررت المديرة تكريم أحمد علنًا أمام الجميع، ومن ثم أوضحت أهمية الجمع بين الأدب والدفاع عن الحقوق. كما طلبت من المعلمين إعطاء كل طالب فرصته دون تمييز بناءً على الصوت العالي أو التصرفات الملفتة.
منذ ذلك اليوم، بدأ الفصل يُلاحظ أحمد بشكل مختلف. ثم أصبح نموذجًا يُحتذى به، ومن ثم تعلم زملاؤه أن الأدب لا يعني الضعف، بل هو قوة تحتاج أحيانًا إلى صوت يعبر عنها بوضوح.
الرسالة
علمت القصة الجميع أن الاحترام قيمة عظيمة، ومن ثم يجب على الإنسان أن يُظهر قيمته ولا ينتظر الآخرين ليروه.