قصة للأطفال عن حكمة الصيام

حدوتة جدتي:قصة للأطفال عن حكمة الصيام

في إحدى أمسيات رمضان، جلس خالد مع والده بعد الإفطار يشاهدان القمر المضيء في السماء. كان خالد يبلغ من العمر ثماني سنوات، وكان يصوم لأول مرة هذا العام، لكنه لم يفهم تمامًا السبب وراء الصيام. التفت إلى والده وسأله:

— “أبي، لماذا نصوم؟ لماذا يجب أن نجوع طوال اليوم؟”

ابتسم والده بحنان، ثم قال:
— “سؤال رائع يا خالد! سأريك الجواب بطريقة لن تنساها أبدًا.”

في اليوم التالي، استيقظ خالد مبكرًا بعد تناول السحور مع عائلته، لكنه لم يكن يعلم أن والده قد خطط له تجربة مميزة. بعد صلاة الفجر، طلب منه والده أن يرافقه في جولة خارج المنزل.

أخذه والده إلى أحد الشوارع المزدحمة حيث يجلس بعض العمال الذين ينتظرون فرصة عمل يومية. رأى خالد رجلاً يبدو عليه التعب والجوع، يجلس على الرصيف، ويمسك بزجاجة ماء فارغة.

اقترب والده من الرجل وسأله عن حاله، فأجاب بصوت متعب:
— “لم أتناول الطعام منذ أمس، ولم أجد عملاً اليوم، وأنتظر أي مساعدة.”

نظر خالد إلى والده بعيون مليئة بالدهشة والحزن، لم يكن يعلم أن هناك من يقضي يومه دون طعام، ليس لأنه صائم، ولكن لأنه لا يملك شيئًا يأكله.

بعد لحظات، دخل خالد مع والده إلى أحد المطاعم القريبة، واشترى وجبة طعام للرجل الفقير. عندما رأى الرجل الطعام، لم يستطع إخفاء فرحته، وبدأ يأكل بشهية.

همس خالد لوالده:
— “الآن فهمت يا أبي… نحن نصوم لنشعر بالجوع كما يشعر هؤلاء المحتاجون، أليس كذلك؟”

أومأ والده برأسه قائلاً:
— “بالضبط يا خالد! الصيام يعلمنا الرحمة والتعاطف، ويجعلنا نشكر الله على النعم التي لدينا. عندما نشعر بالجوع، نتذكر أن هناك من يجوعون كل يوم، فنساعدهم ونتصدق عليهم.”

عاد خالد إلى المنزل وهو يفكر في التجربة التي مر بها. شعر أن قلبه أصبح أكثر رحمة، وأدرك أن الصيام ليس مجرد الامتناع عن الطعام، بل هو درس في العطاء والتقدير والشكر.

عندما أذن المغرب، تناول خالد تمرة وشرب الماء، لكنه لم ينس الرجل الفقير. قرر أن يتبرع ببعض مصروفه لشراء وجبات للمحتاجين خلال رمضان.

ابتسم والده بفخر وقال:
— “الآن عرفت الحكمة الحقيقية من الصيام يا خالد، وهو أن نكون أكثر إنسانية ورحمة.”

وهكذا، تعلم خالد درسًا لن ينساه أبدًا، وصار رمضان بالنسبة له شهر الرحمة والعطاء، وليس فقط الامتناع عن الطعام.