قصص رمضانية : رحلة الخير والنصيحة
المشهد الأول: روح العطاء
في أحد الأحياء البسيطة، حيث تتناثر الأشجار على جانبي الطريق وتملأ البهجة قلوب الناس رغم بساطة حياتهم، كان يعيش عمرو. لم يكن مجرد شاب عادي، بل كان مثالًا للجدعنة والطيبة. منذ صغره، اعتاد مساعدة الفقراء والمحتاجين، فلم يكن يمر يوم دون أن يفعل خيرًا. على سبيل المثال، كان يخصص جزءًا من مصروفه لشراء الطعام للعائلات المحتاجة، أو يساعد كبار السن في حمل مشترياتهم. بالإضافة إلى ذلك، كان حريصًا على إخراج زكاة الفطر في رمضان، مؤمنًا بأن العطاء يزيد الإنسان نورًا في قلبه.
المشهد الثاني: الصحبة الصالحة
علاوة على أعماله الخيرية، كان عمرو يحب قضاء وقته في دار تحفيظ القرآن، حيث يجتمع مع أصدقائه لحفظ وتلاوة كتاب الله. لم يكن يكتفي بالحفظ فقط، بل كان يساعد الأطفال الصغار على فهم معاني الآيات، ويحفّزهم على التدبر فيها. ليس ذلك فحسب، بل كان يشجع أصدقاءه دائمًا على فعل الخير، وكان يقول لهم:
“الخير الذي تفعله اليوم، ستجده غدًا في طريقك.”
وبسبب هذا، كان محبوبًا بين أهل الحي، فالجميع يعرفونه بابتسامته الدائمة وقلبه الصافي.
المشهد الثالث: بداية المشكلة
في يوم من الأيام، لاحظ عمرو أن صديقه كريم بدأ يتغير. في البداية، لم يهتم كثيرًا بالأمر، لكنه لاحظ أنه لم يعد يأتي إلى الدار بانتظام. ليس ذلك فقط، بل بدأ كريم يتأخر عن الصلاة، ويقضي معظم وقته في لعب الفيديو والخروج مع أشخاص لا يعرفهم جيدًا.
في البداية، حاول عمرو أن يلمّح له بأن يعود إلى ما كان عليه، لكنه لم يكن يستمع. ومع مرور الأيام، أصبح الأمر أكثر وضوحًا، مما دفع عمرو إلى اتخاذ خطوة جادة.
المشهد الرابع: المواجهة
ذات مساء، وبينما كان كريم جالسًا على أحد المقاعد في الشارع، اقترب منه عمرو وقال بلطف:
– “مالك يا كريم؟ مش حاسس إنك اتغيرت؟”
نظر كريم إليه بضيق وقال: “يا عم عمرو، الحياة مش كلها قرآن ومسؤوليات، الواحد عاوز يعيش ويتبسط!”
على الفور، ابتسم عمرو بهدوء وقال: “ومين قالك إن القرب من ربنا مش حياة؟ بالعكس، ده أحلى حياة، لأنك لما تكون قريب من ربنا، بتحس براحة وأمان مش هتلاقيهم في أي حاجة تانية.”
في تلك اللحظة، شعر كريم بأن صديقه صادق فيما يقوله. ومع ذلك، لم يكن من السهل عليه العودة، فقد كان قد اعتاد على طريق مختلف. لذلك، قرر عمرو ألا يتركه وحيدًا، فبدأ يدعوه للعودة تدريجيًا، دون أن يضغط عليه.
المشهد الخامس: العودة إلى الطريق الصحيح
بمرور الأيام، استمر عمرو في دعم كريم، فكان يرسل له رسائل تذكّره بالصلاة، ويدعوه إلى الجلوس معهم في الدار ولو للحظات قصيرة. شيئًا فشيئًا، بدأ كريم يشعر بافتقاده للحياة التي كان يعيشها من قبل، فعاد لحفظ القرآن، وابتعد عن الصحبة السيئة، وبدأ يستعيد هدوءه الداخلي.
وفي أحد الأيام، قال كريم لعمرو بابتسامة ممتنة:
“لو مكنتش جنبي يا عمرو، كان زماني دلوقتي في طريق مايعلمش بيه غير ربنا.. شكرًا لأنك صاحبي الحقيقي.”
ضحك عمرو وربت على كتفه قائلاً: “ما تشكرنيش، شكر ربنا اللي بعتلك حد يفكرك.. وزي ما أنا كنت جنبك، دور على حد تاني محتاج نصيحة، لأن الخير دايمًا بيكبر لما ننقله لغيرنا!”
المشهد الأخير: استمرار الخير
وهكذا، استمر عمرو في نشر الخير، وظل مثالًا يُحتذى به في الجدعنة والطيبة. ليس ذلك فحسب، بل أصبح كريم أيضًا أكثر وعيًا بأهمية الصحبة الصالحة، وقرر أن يكون هو الآخر سببًا في مساعدة غيره. وهكذا، تعلم كلاهما درسًا مهمًا: أن الكلمة الطيبة والموقف الصادق يمكن أن يغيرا حياة إنسان للأفضل.