قصص للاطفال : قصة رحلة عمرة في رمضان.

رحلة العمرة في رمضان.. أول تجربة لا تُنسى
الاستعداد للسفر
استيقظ عمرُ في صباح يومٍ مشرق وهو يشعر بحماسٍ كبير، فقد كان هذا اليوم الذي سينطلق فيه مع والديه لأداء العمرة لأول مرة في حياته، وفي شهر رمضان المبارك! جهّز حقيبته الصغيرة بعناية، ووضع فيها ملابس الإحرام وسجادة الصلاة ومصحفًا صغيرًا أهداه له جده.
كانت الرحلة إلى مكة المكرمة طويلة، لكن شوق عمر لرؤية الكعبة لأول مرة جعله يراقب الطريق بشغف. سأل والده كثيرًا عن تفاصيل العمرة، وأجابه والده بابتسامة: “سترى بأم عينيك، وستشعر بروعة هذا المكان المقدس.”
أول نظرة إلى الكعبة
عندما وصلوا إلى المسجد الحرام، كانت أنوار الحرم تشع في الليل، وامتزجت أصوات المصلين بدعوات الطائفين. دخل عمر مع والده إلى صحن الطواف، وفجأة.. وقع بصره على الكعبة! شعر بقلبه ينبض بسرعة، وامتلأت عيناه بالدموع. كان المشهد مهيبًا، ووقف في مكانه للحظات وكأن الزمن قد توقف.
أمسك بيد والده وقال بصوت مرتجف: “أبي، إنها أجمل مما تخيّلت!” ابتسم والده وربّت على كتفه: “هذه الكعبة التي يتجه نحوها ملايين المسلمين في صلاتهم كل يوم.”
الطواف والسعي.. خطوات الإيمان
بدأ عمر ووالده الطواف حول الكعبة، وأخذ يردد الدعاء مع والده. شعر بسكينة غريبة، وكأن قلبه ينجذب نحو هذا البيت العتيق. بعد الطواف، انتقلوا إلى السعي بين الصفا والمروة، وتذكر قصة السيدة هاجر وهي تبحث عن الماء لنبي الله إسماعيل. تخيّل المشهد وكأنه يحدث أمامه، وشعر بالفخر لأنه يسير على خطى الأنبياء.
السحور في المسجد الحرام
بعد الانتهاء من العمرة، جلس عمر مع والديه في ساحات المسجد الحرام ينتظرون وقت السحور. كان الجوّ مليئًا بالحركة، فالناس يجتمعون حول موائد السحور، يتبادلون التمر والماء، ويشعرون بروح الأخوّة التي تملأ المكان. تناول عمر تمراتٍ وكوبًا من اللبن، وأحسّ بأن هذا السحور مختلف تمامًا عن أي سحور آخر تناوله في حياته.
أول يوم صيام في مكة
مع أذان الفجر، صلّى عمر مع آلاف المصلين في المسجد الحرام، وشعر بأنه جزء من مشهدٍ عظيم. بدأ يومه الأول في الصيام، ولم يكن الأمر سهلًا، خاصة مع الطقس الحار والمشي الطويل، لكنه شعر بالفخر لأنه يصوم في مكة، تمامًا كما كان يفعل النبي ﷺ وأصحابه.
الإفطار في الحرم المكي
مع اقتراب وقت الإفطار، امتلأت ساحات المسجد الحرام بالمصلين والصائمين. جلس عمر مع والديه، وأمامه مائدة مليئة بالتمر والماء واللبن. عندما سمع الأذان، تناول أول تمرة وشعر بحلاوتها تسري في جسده، ثم شرب الماء البارد الذي أطفأ عطشه. كانت لحظة مميزة، وشعر بالسعادة لأنه صام يومًا كاملًا في أقدس بقاع الأرض.
الانتقال إلى المدينة المنورة
بعد أيامٍ قليلة، توجه عمر مع أسرته إلى المدينة المنورة لزيارة المسجد النبوي. عندما وصلوا، شعر بالهدوء والسكينة، وكأن المكان يحتضنه بحب. دخل إلى المسجد النبوي، ووقف أمام الروضة الشريفة، ثم رفع يديه ودعا الله أن يرزقه زيارة أخرى.
في المدينة، كان السحور والإفطار هادئًا وجميلًا، وكانت صلاة التراويح في المسجد النبوي تجربة لا تُنسى. أحب عمر المشي في ساحات المسجد بعد الصلاة، والاستماع إلى الأحاديث التي يرويها العلماء.
الوداع والذكريات التي لا تُنسى
عندما حان وقت العودة، نظر عمر إلى المسجد النبوي بحزن، وقال لوالده: “هل سنعود قريبًا؟” ابتسم والده وقال: “بإذن الله يا بني، فهذه رحلة لا يمكن أن تكون الأخيرة.”
عاد عمر إلى بيته وهو يحمل في قلبه أجمل الذكريات، ووعد نفسه أن يكون رمضان القادم أكثر روحانية، وأن يدعو الله دائمًا ليكتب له زيارة أخرى.
الدروس والعبر
تعلّم عمر أن العمرة في رمضان تجربة روحية عظيمة، وأن المسجد الحرام والمسجد النبوي مكانان لا يشبهان أي مكان في العالم. عرف معنى الصيام الحقيقي، وشعر بجمال الدعاء في أقدس الأماكن. أصبحت هذه الرحلة نقطة تحول في حياته، وجعلته يشعر بأن رمضان ليس مجرد صيام عن الطعام، بل رحلة إيمانية تملأ القلب نورًا وسلامًا.
— النهاية —