الصحوبية اللى اتشقّت
كان فيه تلاتة أصحاب من زمان: كريم، وشنوده، وحسن. من ابتدائي وهما دايمًا مع بعض. لو شفت واحد فيهم، هتلاقي التانيين حواليه. بيذكروا سوا، بيلعبوا كورة، حتى بيقعدوا ياكلوا من نفس العلبة. علاقتهم كانت قوية جدًا، لدرجة إنهم كانوا بيقولوا لبعض “إحنا إخوات، مش أصحاب”. بس في يوم، حصل حاجة صغيرة، قلبت كل حاجة.
الخناقة اللى ملهاش لازمة
في يوم خميس، بعد الحصة التالتة، حصلت خناقة بين ولدين في المدرسة، واحد مسلم والتاني مسيحي. الخناقة كانت على مكان في الطابور، بس الطلبة كلها بدأت تكبّر الموضوع وتقول: “شفت؟ ده عشان ده مسلم وده مسيحي”. الكلام ده انتشر بسرعة، وكل واحد بقى يبص للتاني بطريقة غريبة. للأسف، كريم وشنوده سمعوا الكلام ده، وبدأ كل واحد فيهم يشك في التاني. شنوده قال لنفسه: “هو كريم سايبني ليه؟ يمكن عشان أنا مسيحي؟”، وكريم حس إن شنوده بيدافع عن زمايله المسيحيين أكتر، وقال: “يعني هو لما حد يظلمنا ما يهموش؟”. وبكده، الشك دخل بين اتنين من أقرب الناس لبعض.
وفي الفسحة، الموضوع انفجر. كريم قال لشنوده: “إنت اتغيرت”، وشنوده رد بعصبية: “وإنت بقت شايفني غريب عنك؟”. وبدأوا يتكلموا بصوت عالي، قدام زمايلهم، واتقال كلام وجع، كلام ماكنش المفروض يطلع منهم.
دور حسن
في وسط كل ده، حسن كان ساكت، بس قلبه مولّع. شايف أصحابه بيبعدوا عن بعض بسبب حاجة ملهاش أي معنى. استناهم بعد المدرسة، ووقف قدامهم بكل هدوء، وقال: “هو إيه اللي حصل؟ مش فاهم… إنتو اللي كنتوا دايمًا بتدافعوا عن بعض، بقيتوا بتتخانقوا عشان كلام ناس؟ من إمتى الدين كان بيقسمنا؟ ده إحنا كنا بنفطّر سوا، ونكسر صيام بعض في رمضان ونحتفل بالكريسماس سوا. نسيتوا كل ده؟”. شنوده بصله في الأرض، وكريم اتنهد، وكان باين إنهم ندمانين.
حسن كمل كلامه وقال: “لو كل ما حد قال كلمة خلّتنا نكره بعض، يبقى الصحوبية دى كانت إيه؟ إحنا اللى نختار نبقى إخوات، مش الناس. والدين عمره ما فرق بينّا، اللي بيفرق هو الشيطان والناس اللي مش حابة تشوفنا سوا”.
الرجوع لبعض
شنوده بصّ لكريم ومدّ إيده وقال: “أنا آسف يا صاحبي، أنا غلطت إني صدقت الكلام”. وكريم شدّه في حضنه وقال: “وأنا كمان آسف، مكنتش عايز أزعلك، بس كنت متضايق ومش عارف أتكلم”. حسن ابتسم، وقال: “أهو كده… الصحاب الصح، حتى لو زعلوا، بيرجعوا لبعض”.
الدرس اللى اتعلموه
من اليوم ده، بقوا أقوى من الأول. فهموا إن الدنيا فيها ناس بتحاول تفرّق، بس هما لازم يفضلوا مع بعض، ويسألوا بعض قبل ما يصدقوا أي كلام. بقوا مثال للصحوبية اللي مبنية على الاحترام، مش على النوع أو الدين. بقوا بيتعلموا يحموا علاقتهم من أي حاجة ممكن تكسرها.