حكاية جدتي : الحكمة من اختلاف الناس.

🌙 حكاية الجدة في ضوء القمر: لماذا نحن مختلفون؟
جلس الأطفال حول الجدة في الخيمة البدوية، بينما كانت الرياح تلعب برمال الصحراء في الخارج. كان الليل هادئًا، والقمر يضيء السماء بنوره الفضي. نظرت الجدة إلى أحفادها بحنان، ثم قالت:
“ما رأيكم في حدوتة الليلة؟”
ثم رفعت الصغيرة ليلى يدها بحماس وقالت: “قوليلي يا حني، ليه الناس مختلفين؟ ليه فيه بدو وفلاحين وصعايدة وأهل المدن؟ ليه ميبقوش كلهم شبه بعض؟ ليه ربنا مخلناش أمة واحدة؟”
ابتسمت الجدة وهزت رأسها بحنان، ثم قالت:
لو شاء الله لجعلكم أمة واحدة
“يا أحفادي، ربنا قال في كتابه الكريم:
ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم (المائدة: 48).
يعني لو أراد الله لجعل كل الناس متشابهين، لكن حكمته كانت في الاختلاف، ومن ثم علشان كل واحد فينا يكون ليه دور ومكان في الدنيا.”
ثم جلس الأطفال ينصتون بانتباه، فأكملت الجدة حديثها.
التسجيل في مبادرة براعم مصر الرقمية
رحلة إلى الماضي
“زمان، قبل ما تبقى الدنيا زي ما إحنا شايفينها، كان الناس عايشين في أماكن مختلفة، ومن ثم كل مجموعة عندها طبيعة خاصة بيها. البدو عاشوا في الصحراء، لأنهم كانوا بيحبوا الترحال والحرية، بيتنقلوا بين الوديان والهضاب مع جمالهم وماعزهم، بيشربوا من الآبار، وبيحفظوا الشعر والحكايات في صدورهم.
أما الفلاحين، فكانوا عايشين جنب الأنهار، زرعوا الأرض وسقوها من مياه النيل، واهتموا بالشجر والمحاصيل، وعلّموا الناس إزاي يحصدوا الخير من الأرض.
والصعايدة كانوا شجعان وأقوياء، بيحبوا العمل والجد، عايشين بين الجبال والوديان، ودايمًا كلمتهم واحدة، يحترموا الكبير ويخافوا على الصغير.
وأهل المدن، كانوا بيحبوا التجارة والعلم، عاشوا وسط الأسواق والمساجد والمدارس، اتعلموا من بعض، وطوروا الحرف والصناعات، وبنوا البيوت العالية والشوارع الواسعة.”
حكايات جدتي : قصة الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين
الاختلاف نعمة مش نقمة
سأل الصغير يوسف: “يعني إحنا مختلفين علشان كل واحد ليه دوره؟”
هزت الجدة رأسها وقالت: “بالضبط يا يوسف! لو كل الناس بقوا زي بعض، مين كان هيبني؟ مين كان هيزرع؟ مين كان هيحرس الأرض؟ مين كان هيعلم الأطفال؟ الحياة محتاجة التنوع، علشان كل واحد يكمل التاني.”
فكرت ليلى قليلًا ثم قالت: “طب ليه مش كلنا بنتكلم بنفس الطريقة؟ ليه في لهجات مختلفة؟”
ضحكت الجدة وقالت: “اللهجات زي ألوان الزهور، كل واحدة جميلة بطريقتها. لهجة البدو فيها قوة ووضوح، ولهجة الفلاحين ناعمة وسلسة، ولهجة الصعايدة مليانة شهامة وجدعنة، ولهجة أهل المدن فيها سرعة وحيوية. الاختلاف مش بس في الشكل أو اللبس، لكن كمان في الكلام والتفكير والعادات، وكل ده بيخلينا نعرف بعض أكتر، ونتعلم من بعض أحسن.”
حكايات جدتي : قصة الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين
حكمة الاختلاف
قال يوسف: “طيب، بس في ناس بتتخانق بسبب الاختلاف ده!”
تنهدت الجدة بحزن وقالت: “ده لأنهم مش فاهمين الحكمة، ربنا خلقنا مختلفين علشان نتعاون، مش علشان نتخانق. ومن ثم زي ما الأصابع في إيدك مش شبه بعض، لكن كلها بتشتغل مع بعض علشان تقدر تمسك الحاجة كويس.”
ثم أكملت بابتسامة: “الاختلاف مش معناه إن حد أحسن من حد، لكن معناه إن كل واحد عنده حاجة يضيفها للحياة. ومن ثم المهم إننا نحترم بعض ونفتخر بأصلنا، ومن ثم نحب اللي حوالينا زي ما هما.”
ليلة هادئة ونهاية سعيدة
نظر الأطفال إلى بعضهم البعض وفهموا كلام الجدة. قالت ليلى: “يعني مش لازم نكون زي بعض علشان نكون سوا؟”
أجابت الجدة: “بالضبط! الألوان المختلفة لما تتجمع بتعمل لوحة جميلة، و ايضا الأصوات المختلفة بتعمل أحلى لحن، ومن ثم لو كنا كلنا نسخة واحدة، الدنيا كانت هتبقى مملة جدًا!”
ضحك الأطفال وأحاطوا بالجدة، ثم تسلل النوم إلى أعينهم، بينما كانت الرياح تهب بلطف خارج الخيمة، تحمل معها رمال الصحراء وهمسات الحكمة القديمة.
النهاية.