حدوتة جدتي:قصة آدم والصراع مع المقارنة المستمرة
في أحد الأحياء الهادئة، كان يعيش طفل يُدعى “آدم”. كان آدم طفلًا ذكيًا ومرحًا، لكنه يسمع دائمًا من والديه ومعلميه جملة تتكرر على مسامعه كل يوم تقريبًا: “شوف فلان أشطر منك”. ورغم أن هذه الجملة قد تبدو بسيطة، إلا أنها تركت في قلبه أثرًا عميقًا.
المقارنة المستمرة داخل البيت
في البداية، كان آدم يحاول أن يبتسم عندما يسمع هذه الكلمات، ولكنه مع مرور الوقت بدأ يشعر بالضيق. فكلما جلس ليذاكر دروسه، تذكّر أن والده يقارنه بابن الجيران الذي يحصل دائمًا على درجات أعلى. ومع ذلك، لم تكن المشكلة فقط في البيت، بل إن والدته أيضًا كانت تكرر نفس المقارنة عندما لا يساعدها في ترتيب غرفته، فكانت تقول: “شوف أختك إزاي منظمة، ليه إنت مش زيها؟”.
وبالتالي، أصبح آدم يعتقد أنه مهما فعل فلن يكون جيدًا بما يكفي، لأنه دومًا “أقل” من الآخرين في نظر أسرته.
المقارنة المستمرة في المدرسة
لم يتوقف الأمر عند البيت فقط، بل امتد إلى المدرسة. ففي الصف، عندما يجيب أحد الطلاب إجابة صحيحة، يلتفت المعلم إلى آدم ويقول له: “شوف زميلك إزاي مركز! لازم تكون زيه”. ومع أن آدم كان يحاول قدر استطاعته، إلا أن تكرار المقارنة المستمرة جعله يفقد حماسه. بل والأكثر من ذلك، بدأ يكره المدرسة ويخشى المشاركة في الحصص خوفًا من أن يُقارن بزملائه مرة أخرى.
أثر المقارنة المستمرة على الثقة بالنفس
بمرور الوقت، بدأت شخصية آدم تتغير. فقد أصبح أكثر انعزالًا، وأقل رغبة في اللعب أو التحدث مع الآخرين. وعندما ينظر في المرآة، كان يرى نفسه “الأقل دائمًا”. وحتى عندما ينجح في إنجاز شيء بسيط، كان صوته الداخلي يهمس له: “أكيد في حد تاني أشطر منك”.
وهكذا، أثرت المقارنة المستمرة بشكل مباشر على ثقته بنفسه. بدلاً من أن يكون طفلًا واثقًا وسعيدًا بإنجازاته، أصبح يخاف من التجربة ويشعر دائمًا أنه لن يصل للمستوى المطلوب.
نقطة التحول
في أحد الأيام، جاءت معلمة جديدة للمدرسة. كانت مختلفة عن باقي المعلمين، فقد لاحظت أن آدم هادئ ومنعزل. فاقتربت منه وسألته عن السبب. عندها تردد قليلًا، لكنه قرر أن يخبرها بالحقيقة. قال لها بصوت منخفض:
“كل الناس بيقولوا إني مش زي غيري… بيقولوا دايمًا شوف فلان أشطر منك”.
ابتسمت المعلمة وقالت له بلطف:
“يا آدم، كل طفل مميز بطريقة مختلفة. مش لازم تكون زي حد، لأن لكل إنسان موهبة وميزة خاصة بيه. إنت عندك أشياء محدش يقدر يعملها غيرك”.
كيف تغيرت حياة آدم؟
بعد هذا الموقف، بدأت المعلمة تشجع آدم على إظهار مواهبه. فقد اكتشفت أنه بارع في الرسم. وبدلًا من أن تطلب منه أن يكون مثل زملائه، شجعته على أن يطور نفسه بطريقته الخاصة. وبالفعل، مع مرور الوقت، بدأ آدم يستعيد ثقته بنفسه، وبدأ يدرك أن المقارنة المستمرة ليست وسيلة للتقدم، بل عائق يمنع الإنسان من رؤية جماله الداخلي.
الدرس المستفاد
القصة توضح أن المقارنة المستمرة قد تبدو للبعض وسيلة للتحفيز، لكنها في الحقيقة تؤثر سلبيًا على الأطفال. فهي تضعف الثقة بالنفس، وتزرع بداخلهم شعورًا بالنقص. لذلك، من الأفضل أن نشجع الأطفال على التقدم من خلال مقارنة أنفسهم بما كانوا عليه بالأمس، لا بما يفعله الآخرون.