حدوتة جدتي:قصة الاختلاف لا يعني الخلاف
في صباح يوم مشمس، دخلت المعلمة ندى إلى فصل الصف الرابع الابتدائي بابتسامتها المعتادة. كان الأطفال يجلسون في أماكنهم، يتهامسون ويتبادلون الأحاديث بحماس، خاصة بعد النشاط المدرسي الذي تم الإعلان عنه في اليوم السابق: “حلقة نقاش حول موضوع بيئي”.
بداية الحوار واختلاف وجهات النظر
بدأت الحلقة النقاشية حول موضوع: “هل يجب تقليل استخدام السيارات لحماية البيئة؟”
رفعت جنى يدها أولاً وقالت بحماس:
“بالطبع يجب تقليل استخدامها! السيارات تلوث الهواء وتسبب الضوضاء، ومن الأفضل أن نستخدم الدراجات أو نمشي.”
لكن لم يمضِ وقت طويل حتى قال عمر، وهو يعبّر عن رأيه بثقة:
“أنا لا أوافق. ليس كل الناس يستطيعون استخدام الدراجات، خاصة في الأماكن البعيدة. السيارات ضرورية في كثير من الأحيان.”
هنا، بدأ بعض التلاميذ بالضحك، بينما علّق آخرون بصوت مرتفع:
“هذا رأي خاطئ!”
“كيف تقول ذلك؟ السيارات ضارة جداً!”
تدخل المعلمة لتوضيح أهمية تقبل الآراء
رأت المعلمة ندى أن الحوار بدأ يتحول إلى جدال، فقاطعتهم بلطف قائلة:
“أحب أن أذكّركم بأمر مهم: اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية. من الطبيعي أن يكون لكل شخص رأيه الخاص، لكن من المهم أن نحترم بعضنا البعض.”
وأضافت:
“جنى ترى أن البيئة تحتاج إلى حمايتنا، وعمر يرى أن الظروف تختلف من شخص لآخر. كلاهما على صواب من وجهة نظره. وهذا هو جوهر النقاش البنّاء.”
تعلم الأطفال كيفية احترام الرأي الآخر
بعد حديث المعلمة، بدأ الأطفال يدركون أهمية الاستماع إلى بعضهم البعض. على سبيل المثال، قالت سارة:
“ربما يمكننا إيجاد حل وسط، مثل استخدام السيارات الكهربائية!”
رد يوسف مؤيدًا:
“فكرة رائعة، وبهذا نحافظ على البيئة دون التخلي عن وسائل النقل المهمة.”
وبهذا، تحوّل النقاش من خلاف إلى تعاون، ومن تعارض إلى تبادل أفكار واحترام متبادل.
أهمية اختلاف الآراء في تطوير التفكير
في نهاية النشاط، أوضحت المعلمة أن اختلاف الآراء ليس شيئاً سيئاً، بل هو فرصة لتعلم وجهات نظر جديدة وتوسيع مداركنا.
ثم قالت:
“تخيلوا لو كان الجميع يفكر بنفس الطريقة! كنا سنفقد التنوع والإبداع. لذلك، علينا أن نستمع ونتفهم ونناقش دون أن نهاجم أو نسخر من الآخرين.”
خرج التلاميذ من الفصل ذلك اليوم وهم أكثر وعياً واحتراماً للآخرين. فهموا أن التنوّع في الأفكار يُثري العقول، وأن الاستماع الجيد أهم من محاولة إثبات أن رأيي هو الصحيح دائماً.
وبالفعل، في اليوم التالي، عندما طُرحت قضية جديدة للنقاش، استمع الجميع لبعضهم باهتمام، وشاركوا آراءهم بكل احترام، دون مقاطعة أو سخرية.
وهكذا، أصبح فصل المعلمة ندى نموذجاً يحتذى به في الحوار الراقي وقبول الاختلاف.