قصة “الباب المغلق”

حدوتة جدتي: قصة “الباب المغلق”

في أحد الأحياء الهادئة، كانت تعيش سلمى، طفلة في التاسعة من عمرها. كانت سلمى تحب غرفتها كثيرًا، إذ كانت مليئة بالكتب، والألوان، والدمى التي جمعتها على مدار سنوات. ومع ذلك، كانت هناك عادة يكرهها قلبها الصغير، وهي أن والدها، عندما يغضب منها، كان يقفل باب غرفتها بالمفتاح، تاركًا إياها وحيدة لساعات طويلة.

في البداية، كانت سلمى تحاول الصبر، لكن مع مرور الوقت، بدأ الخوف يتسلل إليها. لم يكن الأمر مجرد غياب الحرية، بل إحساس بالحرمان من مساحتها الآمنة.

قصة "الباب المغلق"

المشكلة تتفاقم

ومع أن والدها كان يظن أن هذا العقاب سيجعلها أكثر طاعة، إلا أن العكس هو ما حدث. فقد أصبحت سلمى أكثر انطواءً، وأقل رغبة في الحديث. بل إنها بدأت تتجنب اللعب في البيت، وفضلت البقاء في المدرسة أطول وقت ممكن.

ومن جهة أخرى، لم تكن الأم تلاحظ التغير الكبير في سلوك سلمى إلا بعد أن بدأ تحصيلها الدراسي يتراجع. هنا، بدأت الأم تتساءل: “هل العقاب القاسي حقًا يعلّم الأطفال؟ أم أنه يترك جروحًا أعمق؟”

بداية التغيير

ذات مساء، وأثناء تناول العشاء، لاحظ الأب أن سلمى بالكاد تأكل. وعندما حاول سؤالها، اكتفى وجهها الصغير بالصمت. لكن هذه المرة، قرر الأب أن يجرب شيئًا مختلفًا، خصوصًا بعدما لمست الأم يده وقالت:
“جرب أن تتحدث معها بدل أن تعاقبها.”

وبالفعل، بعد العشاء، جلس الأب بجانب سلمى في غرفتها، وبدلًا من إغلاق الباب، فتح نافذتها ليدخل الهواء العليل، وقال بهدوء:
“سلمى، أنا أريد أن أفهم ما تشعرين به. لماذا لا تخبرينني بما يضايقك؟”

قوة الحوار

في البداية، ترددت سلمى، لكن الكلمات اللطيفة شجعتها على الكلام. بدأت تحكي عن شعورها بالوحدة والخوف عندما يغلق عليها الباب، وعن كيف أن قلبها كان يدق بسرعة وهي تنتظر أن يفتح.

استمع الأب دون مقاطعة، وكان يهز رأسه بين الحين والآخر، مما جعلها تشعر بالأمان. ثم قال لها:
“أنا كنت أظن أن العقاب بهذه الطريقة سيساعدك، لكني الآن فهمت أنه يؤذيك أكثر مما يفيدك. من اليوم، إذا أخطأتِ، سنتحدث ونفهم السبب معًا.”

النتيجة الإيجابية

منذ ذلك اليوم، تغيرت العلاقة بين سلمى ووالدها. فعندما ترتكب خطأ، يجلسان معًا لمناقشة ما حدث. ومع الوقت، أصبحت سلمى أكثر انفتاحًا في مشاركة مشاعرها وأفكارها. أما والدها، فقد اكتشف أن الحوار لا يحافظ فقط على احترام الطفل، بل يجعله أكثر وعيًا بأفعاله.

الدروس المستفادة من القصة

  • الحوار يعزز الثقة بين الطفل ووالديه.

  • العقاب القاسي يترك آثارًا نفسية قد لا تزول بسهولة.

  • الاستماع الفعّال يمنح الطفل شعورًا بالأمان ويشجعه على التغيير.

  • التواصل المستمر أفضل وسيلة لتصحيح السلوك دون إيذاء المشاعر.