في أحد الأحياء الهادئة بمدينة صغيرة، كان يعيش “عم صالح”، رجل مسن يتمتع بسمعة طيبة وسيرة عطرة بين الجيران. بالرغم من كبر سنّه، إلا أنه لم يكن يتأخر يومًا عن مد يد العون لكل من احتاج.
ومن ناحية أخرى، انتقلت حديثًا إلى الحي أسرة جديدة لا يعرف عنها الجيران الكثير. كانت تبدو متحفظة، مما جعل البعض يتجنب الحديث معها.
في أحد أيام الشتاء الباردة، وأثناء عودة عم صالح من المسجد، لاحظ شابًا يقف أمام بيت الأسرة الجديدة وهو يحاول إصلاح قفل الباب المتجمد دون جدوى. وبدون تردد، اقترب عم صالح وقال بابتسامة:
“تحتاج مساعدة، يا بني؟”
تردد الشاب قليلًا ثم أجاب: “في الحقيقة، نعم. القفل لا يفتح، والبرد شديد.”
حينها، عرض عم صالح عليه استخدام أدواته الخاصة، وبعد دقائق قليلة، تمكن من فتح الباب. شكَرَه الشاب كثيرًا وقال: “أنا حسام، انتقلنا مؤخرًا ولم نعرف أحدًا بعد.”
بداية علاقة إنسانية
منذ ذلك اليوم، بدأت علاقة طيبة تنمو بين العم صالح وأسرة حسام. فكلما رأى عم صالح والدته تقف على الباب، حيّاها بلطف وسأل عن أحوالهم. وفي المقابل، كانت الأسرة الجديدة تبدأ تدريجيًا في التفاعل مع بقية الجيران، بفضل هذه المبادرة الصغيرة التي قام بها عم صالح.
تأثير حسن الجوار على المجتمع
شيئًا فشيئًا، بدأت الأجواء في الحي تتغير. فقد لاحظ الجيران كيف أصبح أفراد الأسرة الجديدة أكثر اندماجًا، بل إنهم أصبحوا يشاركون في المناسبات، ويبادلون التحايا، ويُرسلون أطباق الحلوى في الأعياد.
وبالتالي، بدأ الجميع يدرك أن حسن الجوار والمبادرة بلطف لا يتطلبان الكثير، بل يحتاجان إلى قلب مفتوح ونية صافية. فعلى سبيل المثال، عندما مرض عم صالح لفترة قصيرة، كان حسام أول من زاره واهتم بأدويته، حتى أن والدته كانت ترسل له الطعام يوميًا.
المبادرة تصنع فرقًا
في أحد الاجتماعات العائلية بالحي، قال أحد الجيران:
“كنا نظن أن الأسرة الجديدة لا تهتم بالاختلاط، لكن تبين لنا أن اللطف هو المفتاح.”
وأضـاف آخر: “لولا مبادرة عم صالح، لكنا ما زلنا نعيش في جدران صامتة لا تعرف بعضها بعضًا.”
مرت الشهور، وأصبح حسام من أكثر الشباب نشاطًا في الحي. كان يشارك في تنظيف الشارع، ويساعد كبار السن، بل وأصبح قدوة للكثير من أقرانه. أما عم صالح، فكان دائمًا يقول:
“الكلمة الطيبة والمبادرة بالخير لا تذهب هباءً، بل تعود بالحب والسلام.”
خلاصة القصة: كن البادئ بالخير
تعلمنا هذه القصة أن حسن الجوار ليس فقط واجبًا دينيًا وأخلاقيًا، بل هو أساس لاستقرار المجتمع وتماسكه. فحين تبادر بلطف، تفتح أبوابًا للقلوب وتبني جسورًا من المحبة، حتى مع من لا تعرفهم.
وبالتالي، لا تتردد أبدًا في إلقاء تحية أو عرض مساعدة بسيطة، لأنك لا تعلم كم من الخير قد يصنعه ذلك في قلب جارك.