تعد قلة الثقة بالنفس من أكثر المشكلات النفسية التي تواجه الكثير من الأطفال والمراهقين وحتى الكبار. فهي لا تؤثر فقط على طريقة تفكير الشخص في نفسه، بل تمتد أيضًا لتؤثر على علاقاته، وقراراته، وحتى مستقبله. ومن هنا تبدأ قصة “سلمى”، تلك الفتاة التي كانت تخشى التعبير عن نفسها، لكنها تعلمت بمرور الوقت أن الثقة لا تُولد في يوم، بل تبنى خطوة بخطوة.
بداية المشكلة: الخوف من الفشل
كانت سلمى طالبة مجتهدة، لكنها دائمًا تشك في قدراتها. فكلما حاولت المشاركة في الفصل، ترددت، وكلما فكرَت أن تُظهر رأيها، خافت أن يضحك أحد عليها. وبسبب هذا التردد المستمر، بدأت تشعر بأنها أقل من الآخرين.
ومع مرور الأيام، أصبحت سلمى تبتعد عن الأنشطة، وتتجنب التحدث أمام زملائها، بل وحتى بدأت تفقد شغفها بالدراسة التي كانت تحبها.
في الحقيقة، لم يكن أحد يضغط عليها بشكل مباشر، لكن المقارنة المستمرة من بعض المعلمين أو الأصدقاء كانت كفيلة بأن تُضعف روحها. وهذا ما يحدث غالبًا لمن يعانون من قلة الثقة بالنفس، إذ يبدأ الشك بالتسلل تدريجيًا حتى يسيطر على كل تفاصيل الحياة.
نقطة التحول: كلمة غيرت كل شيء
وذات يوم، أثناء إحدى الحصص، طلبت المعلمة من سلمى أن تلقي فقرة قصيرة أمام الجميع. ترددت في البداية، لكن إصرار المعلمة جعلها تقف. ومع كل كلمة كانت تقولها، كانت تشعر بدقات قلبها تتسارع، إلا أن شيئًا مختلفًا حدث…
بعد انتهاء الفقرة، صفق الجميع لها بحرارة! بل وأثنت المعلمة على أسلوبها وصوتها الهادئ. تلك اللحظة، رغم بساطتها، كانت بمثابة الشرارة التي أيقظت داخلها شعورًا جديدًا.
ومنذ ذلك اليوم، بدأت سلمى تُدرك أن الخوف لا يزول إلا بالفعل، وأن الثقة بالنفس لا تأتي من الآخرين، بل من تجربة النجاح الصغيرة التي تمنحنا القوة للاستمرار.
خطوات سلمى نحو استعادة الثقة
بعد تلك التجربة، قررت سلمى أن تبدأ في تطوير نفسها. وبدلاً من الهروب من المواقف التي تُشعرها بالتوتر، بدأت تواجهها واحدة تلو الأخرى. على سبيل المثال،
اشتركت في أنشطة المدرسة الفنية.
بدأت تكتب خواطرها وتنشرها على موقع المدرسة.
كما شاركت في مسابقة الإلقاء، رغم خوفها.
ومع كل محاولة، كانت تشعر بأنها تقترب أكثر من شخصيتها الحقيقية.
وبمرور الوقت، بدأت سلمى تلاحظ أن أخطاءها لا تعني الفشل، بل هي دليل على أنها تحاول. وهكذا، تغيّرت نظرتها للحياة تمامًا.
وفي نهاية المطاف، أصبحت سلمى من أكثر الطالبات نشاطًا وثقة بنفسها. لم تتغير بين ليلة وضحاها، ولكنها أثبتت أن الإصرار والتكرار هما الطريق الحقيقي نحو بناء الثقة بالنفس.
لقد تعلمت أن الصوت الداخلي الذي يهمس بالخوف يمكن إسكاتُه فقط بالأفعال، وأن الثقة لا تُهدى، بل تُكتسب.
وهكذا، تحولت قلة الثقة بالنفس من نقطة ضعف إلى نقطة انطلاق نحو حياة أفضل.
الدرس المستفاد: كيف نواجه قلة الثقة بالنفس؟
قصة سلمى تُظهر أن قلة الثقة بالنفس ليست نهاية الطريق، بل هي بداية لرحلة وعي جديدة. فلكي نواجهها، يجب أولًا أن نعترف بها، ثم نبدأ بخطوات صغيرة نحو التغيير.
على سبيل المثال:
المقارنة بالآخرين تُضعفنا، بينما مقارنة اليوم بالأمس تُقوّينا.
الفشل ليس عيبًا، بل تجربة تعليمية قيّمة.
والأهم من ذلك، أن الثقة تبنى بالفعل، لا بالانتظار.