قصة سارة والهاتف السحري

حدوتة جدتي:قصة سارة والهاتف السحري

بداية الحكاية: طفلة تبحث عن الانتباه

في أحد الأيام، وبينما كانت الشمس ترسل أشعتها الدافئة على نافذة غرفة “سارة”، جلست الطفلة الصغيرة ذات الستة أعوام في ركن غرفتها، تلعب بدمية قديمة فقدت إحدى عينيها. وعلى الرغم من أن الألعاب لم تعد تثير حماسها كالسابق، فإن ما كان يزعجها حقًا لم يكن الدمية، بل أمرٌ آخر تمامًا.

في الحقيقة، كانت “سارة” تشعر بالوحدة داخل بيتٍ يعج بالحياة، ولكن ليس بالحوار. إذ أن والدتها تمسك بهاتفها المحمول منذ أن تستيقظ صباحًا وحتى وقت النوم، ووالدها كذلك، دائمًا مشغول بإيميلات العمل، ومكالمات لا تنتهي.

وبينما كانت “سارة” تحاول لفت الانتباه تارة بالرسم، وتارة أخرى بالغناء، لم تكن تجد سوى إجابات سريعة: “جميلة جدًا، شطورة يا سارة”، دون حتى أن يرفع أحدهم عينيه عن الشاشة.

قصة سارة والهاتف السحري

اللحظة السحرية: أمنية غير متوقعة

في تلك الليلة، وبعد أن أطفأت أمها الأنوار وأعطتها قبلة سريعة على الجبين، همست “سارة” في سرّها وهي تنظر من النافذة إلى السماء:
“يا رب.. نفسي الموبايلات كلها تبقى حجر! علشان ماما وبابا يلعبوا معايا بس.”

ثم أغمضت عينيها ونامت بهدوء، دون أن تتوقع أن أمنيتها البسيطة ستأخذ مجراها في عالم غامض.

المفاجأة: العالم بدون هواتف

في صباح اليوم التالي، استيقظت “سارة” على صوت والدتها تصرخ:
“إيه ده! الموبايل مش شغال!”
ثم جاء صوت والدها من الصالة:
“الموبايل بتاعي كمان.. مش بيفتح.. ده شكله اتحجر!”

ركضت “سارة” إلى الصالة، فوجدت والديها واقفين مذهولين أمام هواتفهم التي تحولت بالفعل إلى قطع من الحجر الرمادي، لا تعمل، ولا تصدر أي صوت.

وللمرة الأولى، نظر والداها في عينيها مباشرة، وسألاها بدهشة:
“إنتِ عملتِ حاجة؟”
ضحكت “سارة” بخفة وقالت:
“أنا بس كنت عايزاكم تلعبوا معايا.”

بداية جديدة: وقت العائلة الحقيقي

ومن هنا، بدأت رحلة من نوع آخر داخل البيت. فبدلاً من التحديق في الشاشات، بدأ الجميع يجلس سويًا. أولًا، لعبوا معًا لعبة تركيب الصور، ثم قرأوا قصة من كتب سارة القديمة، وبعد ذلك طهوا الكعك في المطبخ.

ومع مرور الأيام، لم يشتكِ أحد من غياب الهاتف. بل على العكس، اكتشف الأب والأم أن الحياة مليئة بلحظات صغيرة لكنها ثمينة.

النهاية: القرار الأفضل

بعد أسبوع، وبينما كانت “سارة” تلعب مع والديها في الحديقة، عادت الهواتف إلى شكلها الطبيعي فجأة. ومع ذلك، لم يندفع أحد لإمساكها. بل قرر الأب والأم ترك الهواتف في درج بعيد، وعدم استخدامها إلا للضرورة.

قالت الأم وهي تعانق سارة:
“إنتي اللي فكرتينا بأهم حاجة في الدنيا.. بعضنا البعض.”

ورد الأب مبتسمًا:
“الهاتف ممكن يتشحن في دقيقة، لكن الحب محتاج وقت.. وإحنا كنا ناسيين ده.”

الدرس المستفاد: التكنولوجيا ليست كل شيء

وهكذا، تعلمت “سارة” وأهلها درسًا لن ينسوه أبدًا:
أن التواصل الحقيقي لا يأتي من شاشة، بل من نظرة، كلمة، واهتمام.