حدوتة جدتي:قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام
كان سيدنا إبراهيم عليه السلام نبيًّا مؤمنًا لا يخاف في الله لومة لائم. نشأ في قوم يعبدون الأصنام، لكنه أدرك أن هذه التماثيل لا تضر ولا تنفع. دعاهم إلى عبادة الله الواحد، لكنهم رفضوا واتهموه بالسحر والكذب. ومع ذلك، لم يتوقف إبراهيم عليه السلام عن الدعوة إلى الحق.
قرر إبراهيم عليه السلام أن يثبت لقومه بطلان عبادة الأصنام بطريقة لا تقبل الجدل. ففي يوم احتفال كبير، عندما ترك القوم معبدهم وذهبوا للعيد، دخل إبراهيم عليه السلام إلى المعبد ورأى الأصنام مصطفة أمامه، لا تتحرك ولا تتكلم. رفع فأسه وضرب الأصنام كلها، ما عدا الصنم الأكبر، وعلّق الفأس في رقبته.
عندما عاد القوم ورأوا ما حدث، غضبوا بشدة. تساءلوا عن الفاعل حتى تذكروا إبراهيم، فقد كان دائمًا يقول إن الأصنام لا تستحق العبادة. جاءوا به وسألوه:
“أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟”
فأجابهم بذكاء: “بل فعله كبيرهم هذا، فاسألوهم إن كانوا ينطقون!”
تفكر القوم قليلًا، وأدركوا أن أصنامهم لا تستطيع الكلام ولا الدفاع عن نفسها. لكن كبرياءهم منعهم من الاعتراف بالحق، فقرروا معاقبته.
اجتمع كبراء القوم وقرروا أن يحرقوا إبراهيم عليه السلام بالنار عقابًا له. بدأوا في جمع الحطب حتى أصبح كومة ضخمة، ثم أشعلوا فيها نارًا هائلة لم يرَ مثلها من قبل. كانت ألسنة اللهب تتصاعد إلى السماء، وحرارتها لا تطاق.
لكن المشكلة التي واجهتهم كانت: كيف يلقون إبراهيم في هذه النار العظيمة دون أن يقتربوا منها؟!
فكروا في حل، فجاءوا بمنجنيق ضخم، ووضعوا إبراهيم عليه السلام فيه، ثم استعدوا لقذفه في النار.
عندما رفعوا إبراهيم عليه السلام إلى المنجنيق، كانت عيناه مليئة بالثقة بالله. لم يصرخ، لم يخف، ولم يتردد. كان يعلم أن الله معه. وعندما قُذف في الهواء وسقط نحو النار، نزل أمر الله تعالى:
“يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ” (الأنبياء: 69).
فحدثت المعجزة! تحولت النار المشتعلة إلى برد وسلام، ولم تحرق إبراهيم عليه السلام، بل جلس داخلها وكأنه في حديقة باردة.
وقف القوم في ذهول، لم يصدقوا ما يرون! كيف لشخص أن يسقط في نار كهذه ولا يحترق؟! لكن المعجزة كانت واضحة أمام أعينهم.
خرج إبراهيم عليه السلام من النار سالما، دون أن تمسه بأذى. كانت هذه معجزة عظيمة، لكنها لم تغير قلوب الظالمين، بل زادوا في عنادهم وكفرهم. ومع ذلك، استمر إبراهيم عليه السلام في دعوته، ولم ييأس أبدًا، لأنه كان مؤمنًا بأن الله ينصر الحق دائمًا.
هذه القصة تعلمنا أن من كان مع الله، فإن الله معه. الإيمان الصادق والثقة بالله هما سر القوة الحقيقية. فلا يجب أن نخاف من قول الحق، لأن الله هو الحامي وهو القادر على كل شيء.