قصة فلسطين للأطفال : حكاية ارض الزيتون قصة الجدة وأحفادها حودايت قبل النوم قصة للأطفال قصص وحودايت للصغار حكايات ماما قصص حدوتة جدتي.
كان يا ما كان، في أرض السلام وأرض الخير، أرضٍ كانت تلمع تحت شمسها الحقول الخضراء وتغني فيها الطيور فوق أشجار الزيتون والعنب. كانت أرضًا تعيش فيها الناس بأمان وسلام، حيث الأبواب مفتوحة والقلوب مليئة بالحب والطمأنينة. هذه الأرض هي فلسطين، بلد الأجداد والذكريات، بلد العطاء والجمال.
في تلك الأرض الجميلة، كانت الحياة تسير بسلاسة كجريان النهر في الوادي، والناس يزرعون أراضيهم ويحصدون خيراتها بفرحة كبيرة. لكن فجأة، ثم تحولت تلك السماء الصافية إلى غيومٍ سوداء، وغمر الظلام كل زاوية من هذه الأرض. ومن ثم حلّ الظلم والقسوة، وبدأت معاناة لا تُنسى، لتكتب قصة حزنٍ وألم عاشها أجيالٌ بعد أجيال.
وفي هذه الأجواء المشحونة بالذكريات، كانت الجدة جالسة تحت شجرة زيتون كبيرة في ساحة منزلها البسيط في غزة، و بينما أحفادها يتجمعون حولها، ينظرون إليها بفضول. أحد أحفادها، واسمه سامر، رفع رأسه ومن ثم سأل الجدة بصوت خافت: “يا جدتي، لماذا نعيش هذا البؤس وهذه المعاناة طوال هذه السنين؟”

ابتسمت الجدة بمرارة ومن ثم أخذت نفسًا عميقًا قبل أن تجيب: “يا سامر، هذه ليست مجرد قصة، بل هي حكاية جيل بعد جيل من أبناء فلسطين، حكاية عن الظلم والصمود، عن الأمل الذي لا ينكسر.”
بدأت الجدة تحكي لأحفادها القصة، قائلة : “كنتُ في عمر أصغر من عمركم عندما حدثت النكبة عام 1948. كنت أعيش في قرية صغيرة مليئة بالبيوت البسيطة والحقول الخضراء. كان لنا بيتٌ جميل وأرضٌ نزرع فيها أشجار الزيتون والعنب. كنا نعيش بسلام وسعادة حتى جاء ذاك اليوم الذي غيّر حياتنا إلى الأبد.”
ثم توقفت الجدة لثوانٍ وكأنها تسترجع ذكرياتها، ثم أكملت بصوتٍ حزين: “في ذاك اليوم، جاؤوا الجنود ودخلوا قريتنا وأخذوا يطردون الناس من بيوتهم. كان هناك صراخ وبكاء، ورأيت عيون أمي مليئة بالخوف وهي تمسك بيدي وتقول لي: ’يلا يا بنيتي، لازم نهرب.‘ أخذونا بالقوة إلى طريق بعيد، حيث شاهدت أصدقائي وأقاربي كلهم يبكون ويصرخون، لا نعلم إلى أين سنذهب ولا متى سنعود.”
“وصلنا إلى غزة، وكنا نعتقد أننا سنعود إلى بيوتنا بعد أيام قليلة. لكن الأيام تحوّلت إلى أشهر، ومن ثم الشهور تحوّلت إلى سنوات. ثم كبرتُ وكبر معي هذا الحلم الذي كان في قلبي، حلم العودة إلى قريتي وبيتي.”
ثم نظرت الجدة إلى أحفادها واحداً تلو الآخر، وقالت : “كبرتُ في غزة وأنجبت أولادي، ورأيتهم يكبرون أمامي مثلما تكبرون أنتم الآن. وها هم الآن أنجبوا أطفالاً أيضًا، وأنتم يا أحفادي الذين أحكي لكم قصتي. قصة فلسطين التي لن تُنسى أبداً.”
بدأ سامر يستوعب الكلمات ويشعر بثقل القصة، فسأل: “وماذا حدث بعد ذلك يا جدتي؟ هل حاولنا استعادة بيوتنا؟”
أجابت الجدة بحزم: “نعم يا بني، لم نتوقف عن المحاولة. في كل جيل يولد هناك من يحمل الحلم ويكمل الطريق. تعلمنا الصبر والتمسك بحقوقنا، حتى وإن كانت الطرق وعرة والظلم كبيراً. كافحنا وقاومنا بكل ما نستطيع، وواجهنا الكثير من الأزمات والمعاناة. لكن رغم كل ذلك، لم ننسَ أرضنا ولم ننسَ حقوقنا.”
وأضافت الجدة بنبرة يملؤها الأمل: “يا أحفادي، النصر قادم لا محالة. مهما طال الظلم، فدولة الظلم ساعة ودولة العدل ألف ساعة. سنظل نصبر ونقاتل ونحلم بيومٍ سنعود فيه إلى أرضنا، إلى بيوتنا التي حُرمنا منها.”
ثم أنهت الجدة حديثها قائلة: “لا تنسوا يا أبنائي، نحن لا نعيش هذا البؤس عبثًا، بل نعيشه لكي نتذكر دومًا أن الأرض لنا، وأن العدل سيعود ولو بعد حين. والأمل هو ما يجعلنا نؤمن بأن حقنا سيعود يوماً ما.”
نظر الأحفاد إلى جدتهم بعيونٍ مليئة بالإعجاب والتأثر، وأدركوا أن ما عاشه أجدادهم من معاناة وصبر ليس سوى جزء من حكاية مستمرة، وأن النصر لا بد أن يكون قريبًا، مهما طال الانتظار.
Pingback: قصة الشوك والقرنفل للأطفال : صمود الوطن - Storys Today | قصص اليوم