قصة لا تحكم عليّ قبل أن تعرفني

حدوتة جدتي:قصة لا تحكم عليّ قبل أن تعرفني

بداية جديدة في مدرسة جديدة

مع بداية العام الدراسي الجديد، كانت الطفلة ليلى تشعر بالحماس الممزوج ببعض القلق. فقد انتقلت إلى مدرسة جديدة بعد انتقال والدها إلى مدينة أخرى بسبب ظروف عمله. ورغم أنها كانت اجتماعية بطبعها، إلا أنها شعرت أن تكوين صداقات جديدة قد لا يكون سهلًا كما تتخيل.

في اليوم الأول من الدراسة، دخلت ليلى إلى الفصل بابتسامة واسعة، وجلست بجانب فتاة بدت هادئة ومنطوية. كانت هذه الفتاة ترتدي ملابس بسيطة، وتجلس في صمت دون أن تنظر إلى أحد. حاولت ليلى في البداية تجاهل وجودها، لكنها لاحظت أن زملاءها أيضًا يبتعدون عنها، ويتحدثون عنها بهمسات خافتة.

قصة لا تحكم عليّ قبل أن تعرفني

الشائعات تبدأ سريعًا

وبعد الحصة الأولى، بدأت بعض الطالبات في تبادل الآراء حول الفتاة الغامضة، التي لم تكن تشارك في الحديث أو اللعب. قالت إحداهن:
– “أظن أنها متكبرة ولا تحب أحدًا.”
وأضافت أخرى:
– “ربما تكون غريبة الأطوار، أنظروا كيف تنظر دائمًا إلى الأرض.”

وللأسف، بدأت ليلى تصدّق تلك الآراء، رغم أنها لم تتحدث إلى الفتاة مطلقًا. بل إنها صارت تتجنب الجلوس بقربها، وامتنعت عن المبادرة بالتعرف إليها.

بداية التقارب غير المتوقعة

في الأسبوع الثالث من الدراسة، أعلنت المعلمة عن مشروع جماعي، يتطلب العمل في فرق ثلاثية. وحدث ما لم تكن ليلى تتوقعه: تم وضعها في نفس الفريق مع تلك الفتاة، واسمها كان رُبا.

اعترضت ليلى في سرّها، لكنها لم تجرؤ على إعلان رفضها أمام المعلمة. ومع بداية العمل الجماعي، بدأت رُبا تتحدث لأول مرة بثقة وهدوء، وقدّمت أفكارًا رائعة ومبتكرة ساهمت في تطوير المشروع.

قالت ليلى بدهشة:
– “أفكارك مميزة يا رُبا! من أين تأتين بكل هذا الإبداع؟”

ابتسمت رُبا بلطف وقالت:
– “أنا أحب القراءة كثيرًا، واعتدت أن أكتب قصصًا قصيرة في وقت فراغي.”

خلف المظهر حكاية عميقة

مع مرور الوقت، بدأت ليلى تكتشف المزيد عن شخصية رُبا. فعرفت أنها انتقلت مؤخرًا من بلد آخر بعد وفاة والدها، وأنها كانت تعاني من صعوبة في الاندماج بسبب لهجتها المختلفة وخجلها الشديد.

قالت ليلى لنفسها:
– “كم كنت مخطئة! لقد ظننت بها ظنونًا لا أساس لها، فقط لأنها لم تكن مثلنا في البداية.”

وفي نهاية الأسبوع، حصل فريقهم على المركز الأول في المشروع، وأثنت المعلمة عليهم قائلة:
– “تعاونكم وروح الفريق بينكم كانت مثالًا يُحتذى به.”

دروس لا تُنسى

في اليوم التالي، دعت ليلى رُبا للعب معها ومع باقي الزميلات. ولأول مرة، ضحكت رُبا من قلبها، وشاركتهم الحديث والمرح. شعرت ليلى بالفخر لأنها استطاعت أن ترى ما لم يره الآخرون، ولكن الأهم أنها تخلّت عن حكمها السريع وتعلمت أن تمنح الآخرين فرصة.

ما نستفيده من القصة

  • من الخطأ أن نحكم على الآخرين من مظهرهم أو صمتهم.

  • لكل شخص حكاية وظروف قد لا نعرفها.

  • علينا أن نكون متفهمين ومتعاطفين مع من حولنا.

  • التروي في الحكم على الآخرين يُظهر نضجنا وإنسانيتنا.