حدوتة جدتي:قصة ليان والبيت الصامت
في أحد الأحياء الهادئة، كانت تعيش ليان، فتاة في الثانية عشرة من عمرها. كانت أسرتها تبدو مثالية من الخارج، فالأب يعمل مهندسًا ناجحًا، والأم معلمة طيبة القلب، ولديها أخ أصغر اسمه سامر.
لكن، ورغم أن البيت كان مليئًا بالأجهزة الحديثة، إلا أنه كان يفتقد شيئًا ثمينًا جدًا… الكلام.
لم يعد أحد يتحدث كثيرًا. فالأب مشغول بالعمل طوال اليوم، والأم تقضي وقتها بين المدرسة والهاتف، أما ليان فكانت تفضل الجلوس في غرفتها تتصفح الإنترنت أو تشاهد مقاطع الفيديو القصيرة. ومع مرور الوقت، أصبح الصمت ضيفًا دائمًا في بيتهم.
المشكلة: عندما تتحول العائلة إلى غرباء
في البداية، لم تشعر ليان أن هناك مشكلة. كانت تستمتع بوقتها وحدها، وتظن أن هذه هي الحرية التي كانت تحلم بها.
لكن بمرور الأيام، بدأت تشعر أن شيئًا ناقصًا. فعندما كانت تمر بيومٍ صعب في المدرسة، لم تجد أحدًا تتحدث معه. وحتى عندما كانت تنجح في شيء، لم تجد من يشاركها الفرح.
وبينما كانت تلاحظ صور العائلات الأخرى على مواقع التواصل، وهي تضحك وتتحدث سويًا، كانت تتساءل:
“ليه إحنا مش كده؟ ليه مفيش بينا كلام؟”
ومن هنا بدأت تشعر بالوحدة رغم وجود الجميع حولها.
التحول: رسالة غير متوقعة
ذات مساء، وبينما كانت ليان تتصفح هاتفها، وجدت إشعارًا من تطبيق الذكريات القديمة، يعرض مقطع فيديو من طفولتها.
في الفيديو، كانت تجلس على الأرض مع والديها، يضحكون ويلعبون معًا. كانت الأم تمسك بالكاميرا وتقول:
“قولّي يا ليان بتحبي ماما قد إيه؟”
ابتسمت ليان بحنين، وشعرت بوخزة في قلبها. تذكّرت كم كان الحديث مع والديها يمنحها الأمان، وكم كانت تشعر بالسعادة لمجرد أن يسمعها أحد.
وهنا قررت أن تكسر دائرة الصمت.
الحل: خطوة صغيرة تصنع فرقًا كبيرًا
في اليوم التالي، وبينما كانت الأم تحضّر العشاء، قالت ليان بصوتٍ خافت:
“ماما، ممكن أساعدك؟”
تفاجأت الأم، وابتسمت قائلة:
“أكيد يا حبيبتي، تعالي قطّعي الخضار.”
بدأتا تتحدثان قليلًا، عن المدرسة، والأصدقاء، وحتى عن وصفة الطعام. لم يكن الحديث طويلاً، لكنه كان البداية.
بعد العشاء، دخل الأب الغرفة، فقالت ليان بخجل:
“بابا، ممكن تحكيلي عن شغلك النهارده؟”
ضحك الأب وقال:
“أخيرًا حد مهتم يسمعني!”
ومن تلك اللحظة، تغيّر كل شيء. صار الحديث عادة يومية، وبدأت الدفء يعود إلى البيت من جديد.
الدرس المستفاد: التواصل هو سر العائلة السعيدة
من خلال تجربة ليان، تعلمنا أن قلة التواصل مع الأهل قد تجعلنا نشعر بالبعد حتى ونحن تحت سقفٍ واحد.
لكن، وببساطة شديدة، يمكن لكلمة واحدة أو سؤال صغير أن يعيد الحميمية إلى العائلة.
لذلك، في كل مرة نشعر فيها بالملل أو العزلة، علينا أن نتذكر أن التواصل لا يحتاج وقتًا طويلاً، بل يحتاج نية صافية ورغبة حقيقية في الاقتراب ممن نحب.