حدوتة جدتي:قصة ليلى والخوف من الظلام
ليلى الصغيرة… والخوف الكبير
في مدينة هادئة مليئة بالأشجار والزهور، عاشت ليلى، فتاة في السادسة من عمرها، محبة للقصص والألوان. كانت تقضي يومها في اللعب والرسم، تضحك مع أصدقائها في الحضانة، وتساعد والدتها في ترتيب ألعابها.
لكن، على الرغم من بهجة النهار، كان الليل بالنسبة لها يمثل كابوسًا لا ترغب في مواجهته.
فكلما حلّ الظلام، وتسلل السكون إلى أرجاء المنزل، كانت ليلى تبدأ في الشعور بالخوف. وبمجرد أن تطفئ والدتها النور في غرفتها، كانت الطفلة الصغيرة تهرع إلى غرفة والدتها وهي تقول بصوت مرتجف:
“ماما، ممكن أنام جنبك؟ فيه حاجة في أوضتي بتخوفني…”
ورغم أن الأم كانت تحاول تهدئتها، إلا أن الأمر تكرر كثيرًا. في البداية، ظنت أنه أمر مؤقت. ولكن، مع مرور الأسابيع، بدأ الخوف يتحول إلى عادة، وبدأت ليلى ترفض النوم في غرفتها تمامًا.
محاولات الأم لم تنجح
كانت الأم تحاول مع ابنتها بكل الطرق. أحيانًا تحكي لها قصة قبل النوم، وأحيانًا تترك لها ضوءًا صغيرًا بجانب السرير. وفي بعض الليالي، تضع معها لعبتها المفضلة.
لكن، وعلى الرغم من هذه المحاولات، كانت ليلى تصرّ على النوم بجوار والدتها، وترفض العودة إلى غرفتها مهما حاولت الأم طمأنتها.
حتى أن الأم بدأت تتساءل:
“هل سأبقى أنام بجانبها للأبد؟ ومتى ستتعلم مواجهة خوفها؟”
هنا خطرت لها فكرة: أن تطلب المساعدة من أمها، جدة ليلى، والتي عُرفت دائمًا بحكمتها وقدرتها على التعامل مع الأطفال بأسلوب بسيط لكنه مؤثر.
تدخل الجدة… بفكرة عبقرية
في عطلة نهاية الأسبوع، جاءت الجدة لتبيت مع ليلى. جلست معها في غرفتها، وطلبت منها أن تحكي لها عن سبب خوفها.
قالت ليلى والدموع في عينيها:
“أنا لما النور بيطفي بحس إن فيه حاجة تحت السرير… أو يمكن في الدولاب. وبيتهيألي إن فيه صوت غريب!”
ابتسمت الجدة بهدوء وقالت:
“أنا لما كنت صغيرة كنت بخاف زيك بالظبط، بس عرفت سر بيخلي الخوف يهرب بسرعة!”
فتعلقت عينا ليلى بعيني جدتها وسألت بحماس:
“سر إيه؟”
قالت الجدة:
“لعبة اسمها (صائدة الشجاعة).”
لعبة “صائدة الشجاعة”
شرحت الجدة قواعد اللعبة قائلة:
“كل ليلة قبل ما تنامي، هتفكري في حاجة شجاعة عملتيها النهارده. لو عملتي حاجة شجاعة، هتاخدي نجمة. ولما تجمعي ٥ نجوم، هنحتفل بيكي وناخدك في نزهة خاصة!”
تحمّست ليلى جدًا للفكرة، وبدأت في الليلة الأولى تقول:
_”أنا النهارده ما خفتش من الكلب في الشارع!”
فقالت الجدة: “برافو يا بطلة! أول نجمة ليكي!”
تطور تدريجي… وثقة تزداد
بدأت ليلى، بفضل اللعبة، تشعر أنها أقوى من قبل. وفي الليلة التالية، حاولت أن تبقى في غرفتها لعدة دقائق بعد إطفاء النور.
في الليلة الثالثة، طلبت من والدتها أن تترك باب الغرفة مفتوحًا فقط، من دون أن تبقى معها.
ثم، في الأسبوع التالي، قالت بثقة:
“أنا هنام في أوضتي بس بشرط، تحطولي النور اللي بيطلع نجوم على السقف!”
ولأنهم كانوا يريدون تشجيعها، اشترت لها والدتها مصباحًا صغيرًا يُضيء السقف بنجوم وقمر، فشعرت ليلى بالطمأنينة.
هكذا، بدأت خطوات الشجاعة تظهر واحدة تلو الأخرى. ولم تمضِ سوى ثلاثة أسابيع، حتى قررت ليلى أن تنام في غرفتها بمفردها، دون أي ضوء أو مرافقة.
مفاجأة الصباح!
في صباح أحد الأيام، استيقظت ليلى وهي تركض باتجاه والدتها:
“ماماااا! أنا نمت لوحدي طول الليل وما خفتش!”
حضنتها الأم بقوة، وقالت بفخر:
“أنا فخورة بيكي جدًا، يا بطلة. أنتي شجاعة وجميلة، وقدرتي تتغلبي على خوفك!”
وقبل أن تنسى، رسمت الجدة نجمتها الخامسة على الورقة، وقررت الأسرة أن يأخذوها في نزهة للاحتفال بها.
كيف نساعد الأطفال في التغلب على الخوف الليلي
من خلال قصة ليلى، نتعلم أن الخوف من الظلام وعدم الرغبة في النوم بمفردهم أمر طبيعي يمر به كثير من الأطفال. ولكن، بدلاً من اللوم أو الضغط، يجب أن نحتوي الطفل ونفهم مشاعره.
إن استخدام وسائل تربوية مثل الألعاب التحفيزية، والتشجيع المستمر، والاحتضان النفسي، يساعد الطفل على مواجهة خوفه بثقة واستقلال.
نصيحة أخيرة للآباء:
إذا كان طفلك يخاف من الظلام أو لا يرغب في النوم بمفرده، لا تقلق. فقط امنحه وقتًا، واستمع إليه جيدًا، وابتكر معه لعبة تشجعه على اتخاذ الخطوة الأولى. لأن الشجاعة لا تعني غياب الخوف… بل تعني القدرة على مواجهته.