قصة مالك والحقيقة الغائبة الكذب بدافع الخوف أو لفت الانتباه

حدوتة جدتي:قصة مالك والحقيقة الغائبة

يعد الكذب عند الأطفال من أكثر السلوكيات التي تقلق الأهل والمعلمين، خاصة حينما لا يكون الدافع خداعًا متعمدًا، بل ناتجًا عن مشاعر مثل الخوف أو الرغبة في جذب الانتباه.

هذه القصة تسلط الضوء على أحد هذه المواقف الواقعية التي قد يمر بها أي طفل في سنواته الأولى.

 

بداية القصة: كذبة بدافع الخوف

في أحد الأيام، عاد مالك، الطفل الهادئ المجتهد، من مدرسته وهو يعلم أنه لم ينجز واجبه المدرسي. وعندما سأله والده كعادته عن الواجب، أجاب بسرعة:
“المعلمة لم تطلب منا شيئًا اليوم.”

كانت هذه الجملة بداية سلسلة من الأكاذيب الصغيرة التي لم يكن هدفها الخداع، بل فقط تجنب التوبيخ أو العقاب. كان مالك يخشى أن يشعر والداه بخيبة أمل، ولذلك رأى أن الحل الأسهل هو الاختباء خلف كذبة مؤقتة.

في اليوم التالي، وأثناء تناول الغداء مع والدته، أخبرها مالك أنه ساعد أحد زملائه في المدرسة بعدما كاد يسقط من السلم. وقد أبدت الأم إعجابها بشجاعته وتعاطفها مع الموقف.

ولكن، للأسف، لم تكن هذه الحكاية حقيقية. بل كانت قصة من تأليف مالك، أراد من خلالها أن يشعر بالتميز، ويحظى بمزيد من الاهتمام والإعجاب.
ومع تكرار مثل هذه المواقف، بدأ مالك يعتاد الكذب، دون أن يدرك أن هذا السلوك قد يفقده ثقة الآخرين فيه لاحقًا.

في مساء أحد الأيام، تلقت أسرة مالك اتصالًا من معلمته، تفيد بأن الطفل لم يسلم واجباته منذ عدة أيام، وأن ما يُروى عن مساعدة زميله لم يحدث مطلقًا.

بعد انتهاء المكالمة، قرر الوالدان الحديث مع مالك بهدوء. وعلى الرغم من محاولاته التهرب في البداية، سرعان ما اعترف بما حدث، قائلاً بصوت خافت:
“أنا خفت تزعلوا مني، وكنت حابب تحسوا إني شاطر ومميز.”

دور الأهل: التوجيه بالحوار لا بالعقاب

بدلًا من الانفعال أو اللوم، قرر والدا مالك أن يكون الحوار هو الطريق الأفضل. جلسا معه وشرحا له بهدوء الفرق بين الحقيقة والخيال، وأكدا له أن الصدق لا يقلل من حبهم له، بل يعززه. كما وعداه بعدم التسرع في الحكم عليه إذا أخطأ، بشرط أن يتحلى بالصدق دومًا.

من خلال هذا الموقف، تعلم مالك أن الصدق لا يعني دائمًا المثالية، بل هو أساس الثقة والعلاقات السليمة.

مرت الأيام، وبدأ سلوك مالك يتغير تدريجيًا. أصبح أكثر وعيًا بكلماته، وأكثر رغبة في قول الحقيقة حتى في المواقف الصعبة. وربما لا يتوقف أي طفل عن الخطأ تمامًا، ولكن التغيير يبدأ عندما يجد من يفهمه ويحتويه بدلًا من أن يعاقبه.

وهكذا، يمكن القول إن الكذب بدافع الخوف أو لفت الانتباه هو سلوك يمكن توجيهه بالإدراك، والحب، والاحتواء.

التحليل التربوي: لماذا يكذب الطفل بدافع الخوف أو لفت الانتباه؟

غالبًا ما يكون الكذب عند الأطفال تعبيرًا غير مباشر عن مشاعر داخلية غير مفهومة. فبعض الأطفال يلجؤون للكذب كآلية دفاعية لحماية أنفسهم من العقاب، أو ليحصلوا على اهتمام لم يستطيعوا نيله بطرق أخرى.
وربما لا يدرك الطفل أنه يخطئ، بل يرى أنه يتصرف بذكاء لحماية نفسه أو لإسعاد من حوله.