حدوتة جدتي:قصة مريم وتبديل الأدوار
مريم فتاة ذكية ومجتهدة، تبلغ من العمر عشر سنوات. تعيش مع والديها وشقيقها الأصغر “آدم”، وتحب اللعب والرسم وقضاء الوقت في مشاهدة أفلام الرسوم المتحركة. لكنها، في المقابل، كانت لا تحبّ أن تُطلب منها أي مساعدة في البيت.
في كل مرة تناديها أمها، تقول مريم:
“أمي، لماذا أنا؟! أنا لست كبيرة بعد، وهذا ليس من واجبي!”
ورغم محاولات الأم لإقناعها أن التعاون في المنزل جزء من المسؤولية، فإن مريم كانت ترفض دائمًا.
الفكرة تبدأ: تبديل الأدوار
وذات مساء، وبينما كانت الأم تطوي الملابس، خطرت في بالها فكرة طريفة. فقالت لمريم:
“ما رأيك يا صغيرتي أن نتبادل الأدوار ليومٍ واحد؟ أنا أكون مريم، وأنتِ تصبحين الأم.”
ضحكت مريم وقالت بثقة:
“اتفقنا! وسأثبت لكِ أن الأمور أسهل مما تصفين!”
بداية اليوم: مفاجآت غير متوقعة
في صباح اليوم التالي، استيقظت مريم قبل الجميع، ارتدت ملابس والدتها وربطت شعرها مثلها، ثم ذهبت لتوقظ “آدم” و”الأم – في دور مريم”.
ولكن منذ اللحظة الأولى، بدأت العقبات تظهر:
أولاً، رفض آدم الاستيقاظ وظلّ يتقلب في الفراش. فحاولت مريم تقليد أسلوب أمها الحازم، لكن دون جدوى.
ثانيًا، أثناء تحضير الإفطار، احترق التوست، وانسكب اللبن.
ثالثًا، نسيت حقيبتها في الخارج عندما خرجت لإلقاء القمامة.
ورغم أن الوقت كان مبكرًا، بدأت مريم تشعر بالإرهاق.
وقت الغداء: تحدي الطبخ والعناية بالبيت
بعد عودة “آدم” من المدرسة، صرخ قائلاً:
“ماماااا، أنا جائع!”
لكن “مريم” لم تكن قد بدأت حتى في إعداد الطعام! ركضت إلى المطبخ وهي تتساءل:
“ماذا تطبخ أمي عادة؟ أرز؟ مكرونة؟”
قررت إعداد الأرز، لكنها نسيت كمية الماء المناسبة، فانتهى الأمر بأرزٍ ملتصق ومحترق. حاولت إنقاذ الموقف بتحضير ساندويتشات، لكنها اكتشفت أن الخبز قد نفد.
في تلك اللحظة، شعرت مريم بالحيرة والارتباك، وتذكّرت أن والدتها كانت دائمًا تُفكر مسبقًا وتُخطط ليومها بعناية.
المهام المنزلية لا تنتهي
بعد الطعام، كان عليها:
غسل الصحون (التي كانت كثيرة!)
تنظيف الأرض بعد أن سكب آدم العصير
طي الملابس
متابعة واجبات آدم المدرسية
وبين كل تلك المهام، لم تستطع الجلوس أو الاستراحة، حتى أنها نسيت أن تشرب الماء طوال اليوم!
نهاية اليوم: الاعتراف والندم
مع اقتراب المساء، جلست مريم على الأريكة، ووجهها ممتلئ بالتعب. نظرت إلى والدتها وقالت:
“أنا آسفة يا أمي… الآن فقط أدركت أن ما تفعلينه كل يوم أصعب بكثير مما تخيّلت.”
ابتسمت الأم بحنان، وربتت على كتفها وقالت:
“أنا لا أطلب منكِ أن تفعلي كل شيء، فقط أن تقدّري وتساعدي بالقليل.”
فقالت مريم بسرعة:
“أعدك أن أساعدك كل يوم… حتى بدون تبديل الأدوار.”
الرسالة من القصة: كل أمّ بطلة حقيقية
هذه القصة ليست مجرد حكاية طريفة، بل هي رسالة واضحة لكل طفل وطفلة.
فالجهود التي تبذلها الأمهات في البيت لا تُقدّر بالكلمات فقط، بل تستحق الدعم والمشاركة اليومية. ومن خلال تجربة مريم، نتعلّم أن المسؤولية لا تُفهم بالكلام، بل بالتجربة والمعايشة.